القائمة الرئيسية

الصفحات

إنتصارات خالد بن الوليد

  إنتصارات خالد بن الوليد

خالد بن الوليد

لا ينام ولا يترك أحدا ينام



وكان أبو بكر قد أدرك بفطنته وبصيرته ما لقوى الشر الجاثمة

وراء حدود بلاده من دور خطير في تھديد
مصير الاسلام واھله.. الفرس في العراق.. والروم في بلاد الشام امبرطوريتان خرعتان، تتشبثان بخيوط واھنة من حظوظھما الغاربة وتسومان الناس في العراق وفي
الشام سوء العذاب، بل وتسخرھم، وأكثرھم عرب، لقتال المسلمين العرب الذين يحملون راية الدين
الجديدة، يضربون بمعاوله قلاع العالم القديم كله، ويجتثون عفنه وفساده
ھنالك أرسل الخليفة العظيم المبارك توجيھاته الى خالد أن يمضي بجيشه صوب العراق
ويمضي البطل الى العراق، وليت ھذه الصفحات كانت تتسع لتتبع مواكب نصره، اذن لرأينا من أمرھا
عجبا
لقد ّ استھل عمله في العراق بكتب أرسلھا الى جميع ولاة كسرى ونوابه على ألوية العراق ومدائنه

  1. " بسم الله الرحمن الرحيم

من خالد بن الوليد.. الى مرازبة فارس
يلام على من اتبع الھدى
أما بعد، فالحمد Ϳ الذي ّ فض خدمكم، وسلب ملككم، ّ ووھن كيدكم
من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، واكل ذبيحتنا فذلكم المسلم، له ما لنا وعليه ما علينا


اذا جاءكم كتابي فابعثوا ّ الي بالرھن واعتقدوا مني ّ الذمة
والا، فوالذي لا اله غيره لأبعثن اليكم قوما يحبون الموت كما تحبون الحياة.."!!
وجاءته طلائعه التي بثھا في كل مكان بأنباء ّ الزخوف الكثيرة التي يعدھا له ّ قواد الفرس في العراق،
فلم يضيّع وقته، وراح يقذف بجنوده على الباطل ليدمغه.. وطويت له الأرض طيّا عجيبا
  
في الأبلّة، الى ّ السدير، فالنّجف، الى الحيرة، فالأنبار، فالكاظمية. مواكب نصر تتبعھا مواكب... وفي كل
مكان ّ تھل به رياحه البشريات ترتفع للاسلام راية يأوي الى فيئھا الضعفاء والمستعبدون
أجل، الضعفاء والمستعبدون من أھل البلد الذين كان الفرس يستعمرونھم، ويسومونھم سوء العذاب
وكم كان رائعا من خالد أن بدأ زحفه بأمر أصدره الى جميع ّ قواته
"
لا ّ تتعرضوا للفلاحين بسوء، دعوھم في شغلھم آمنين، الا أن يخرج بعضھم لقتالكم، فآنئذ قاتلوا
المقاتلين "
وسار بجيشه الظافر  حتى وقف على تخوم الشام
وھناك ّ دوت أصوات المؤذنين، وتكبيرات الفاتحين
ترى ھل سمع الروم في الشام..؟
وھل تبيّنوا في ھذه التكبيرات نعي أيامھم، وعالمھم..؟
أجل لقد سمعوا.. ّ وفزعوا.. ّ وقرروا أن يخوضوا في حنون معركة اليأس والضياع
 كان النصر الذي أحرزه الاسلام على الفرس في العراق بشيرا بنصر مثله على الروم في الشام  
فجنّد ّ الصديق أبو بكر جيوشا عديدة، واختار لامارتھا نفرا من القادة المھرة، أبو عبيدة بن الجراح،
وعمرو بن العاص، ويزيد بن أبي سفيان، ثم معاوية بن أبي سفيان
وعندما نمت أخبار ھذه الجيوش الى امبراطور الروم نصح وزراءه ّ وقواده بمصالحة المسلمين، وعدم
الدخول معھم في حرب خاسرة
بيد أن وزراءه ّ وقواده ّ أصروا على القتال وقالوا :
"
والله ّ لنشغلن أبا بكر على أن يورد خيله الى أرضنا.."
وأعدوا للقتال جيشا بلغ قوامه مائتي ألف مقاتل، وأ}بعين ألفا
وأرسل قادة المسلمين الى الخليفة بالصورة الرھيبة للموقف فقال أبو بكر
"
والله ّ لأشفين وساوسھم بخالد "
وتلقى ترياق الوساوس.. وساوس ّ التمرد والعدوان والشرك، تلقى أمر الخليفة بالزحف الى الشام،
ليكون أميرا على جيوش الاسلام التي سبقته اليھا
وما اسرع ما امتثل خالد وأطلع، فترك على العراق المثنّى بن الحارثة وسار مع قواته التي اختارھا حتى
وصل مواقع المسلمين بأرض الشام، وأنجز بعبقريته الباھرة تنظيم الجيش المسلم وتنسيق مواقعه في
وقت وجيز، وبين يدي المعركة واللقاء، وقف في المقاتلين خطيبا فقال بعد أن حمد ربه وأثنى عليه
"
ان ھذا يوم من أيام الله، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي   
أخلصوا جھادكم وأريدوا الله بعملكم، وتعالوا نتعاور الامارة، فيكون أحدنا اليوم أميرا، والآخر غدا،
والآخر بعد غد، حتى ّ يتأمر كلكم "
ھذا يوم من أيام الله  
ما أروعھا من بداية
لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي
وھذه أكثر روعة وأوفى ورعا
  
 
ولم تنقص القائد العظيم الفطنة المفعمة بالايثار، فعلى الرغممن أن الخليفة وضعه على رأس الجيش
بكل أمرائه، فانه لم يشا أن يكون عونا للشيطان على أنفس أصحابه، فتنازل لھم عن حقه الدائم في
الامارة وجعلھا دولة بينھم
اليوم أمير، ودغا أمي رثان.. وبعد غد أمير آخر..وھكذا
كان جيش الروم بأعداده وبعتاده، شيئا بالغ الرھبة
لقد أدرك ّ قواد الروم أن الزمن في صالح المسلمين، وأن تطاول القتال وتكاثر المعارك يھيئان لھم النصر
دائما، من أجل ذلك قرروا أن يحشدوا كل قواھم في معركة واحدة يجھزون خلالھا على العرب حيث لا
يبقى لھم بعدھا وجود، وما من شك أن المسلمين ّ أحسوا يوم ذاك من الرھبة والخطر ما ملأ نفوسھم
المقدامة قلقا وخوفا
ولكن ايمانھم كان ّ يخف لخدمتھم في مثل تلك الظلمات الحالكات، فاذا فجر الأمل والنصر يغمرھم
بسناه
ومھما يكن بأس الروم وجيوشھم، فقد قال أبو بكر، وھو بالرجال ّ جد خبير 
"
خالد لھا
وقال": والله، ّ لأشفين وساوسھم بخالد "
فليأت الروم بكل ھولھم، فمع المسلمين الترياق
عبأ ابن الوليد جيشه، وقسمه الى فيالق، ووضع للھجوم والدفاع خطة جديدة تتناسب مع طريقة الروم
بعد أن خبر وسائل اخوانھم الفرس في العراق.. ورسم للمعركة كل مقاديرھا
ومن عجب أن المعركة دارت كما رسم خالد وتوقع، خطوة خطوة، وحركة حركة، حتى ليبدو وكأنه لو
تنبأ بعدد ضربات السيوف في المعركة، لما أخطأ التقدير والحساب
كل مناورة توقعھا من الروم صنعوھا
كا انسحاب تنبأ به فعلوه
وقبل أن يخوض القتال كان يشغل باله قليلا، احتمال قيام بعض جنود جيشه بالفرار، خاصة أولئك الذين
ھم حديثو العھد بالاسلام، بعد أن رأى ما ألقاه منظر جيش الروم من رھبة وجزع
وكان خالد يتمثل عبقرية النصر في شيء واحد، ھو الثبات
وكان يرى أن حركة ھروب يقوم بھا اثنان أو ثلاثة، يمكن أن تشيع في الجيش من الھلع والتمزق ما لا
يقدر عليه جيش العدو بأسره.
من أجل ھذا، كان صارما، تجاه الذي يلقي سلاحه ويولي ھاربا
وفي تلك الموقعة بالذات موقعة اليرموك، وبعد أن أخذ جيشه مواقعه، دعا نساء المسلمين، ولأول ّ مرة
سلّمھن السيوف، وأمرھن، بالوقوف وراء صفوف المسلمين من كل جانب وقال لھن
"
من يولّي ھاربا فاقتلنه "
وكانت لفتة بارعة أدت مھمتھا على أحسن وجه
وقبيل بدء القتال طلب قائد الروم أن يبرز اليه خالد ليقول له بضع كلمات  
وبرز اليه خالد، حيث تواجھا فوق جواديھما في الفراغ الفاصل بين الجيشين 

وقال ماھان قائد الروم يخاطب خالدا"

 


" قد علمنا أنه لم يخرجكم من بلادكم الا الجوع والجھد
فان شئتم، أعطيت كل واحد منكم عشرة دنانير، وكسوة، وطعاما، وترجعون الى بلادكم، وفي العام القادم
أبعث اليكم بمثلھا  "


وضغط خالد الرجل والبطل على أسنانه، وأدرك ما في كلمات قائد الروم من سوء الأدب
وقرر أن يردذ عليه بجواب مناسب، فقال له:

" انه لم يخرجنا من بلادنا الجوع كما ذكرت، ولكننا قوم نشرب الدماء، وقد علمت أنه لا دم أشھى


وأطيب من دم الروم، فجئنا لذلك" 
ولوة البطل زمام جواده عائدا الى صفوف جيشه. ورفع اللواء عاليا مؤذنا بالقتال
"
الله أكبر"
"
ھبّي رياح الجنة "
كان جيشه يندفع كالقذيفة المصبوبة
ودار قتال ليس لضراوته نظير
وأقبل الروم في فيالق كالجبال
وبجا لھم من المسلمين ما لم يكونوا يحتسبون  
ورسم المسلمون صورا تبھر الألباب من فدائيتھم وثباتھم  
فھذا أحدھم يقترب من أبي عبيدة بن ّ الجراح رضي الله عنه والقتال دائر ويقول
"
اني قد عزمت على الشھادة، فھل لك من حاجة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبلغھا له حين
ألقاه"؟؟
فيجيب أبو عبيدة
"
نعم قل له: يا رسول الله انا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا "
ويندفع الرجل كالسھم المقذوف.. يندفع وسط الھول مشتاقا الى مصرعه ومضجعه.. يضرب بسيفه،
ويضرب بآلاف السيوف حتى يرتفع شھيدا
وھذا عكرمة بن أبي جھل
أجل ابن أبي جھل
ينادي في المسلمين حين ثقلت وطأة الروم عليھم قائلا:
"
لطالما قاتلت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يھدني الله الاسلام، ّ افأفر من أعداء الله اليوم"؟؟
ثم يصيح": من يبايع على الموت "
فيبايعه على الموت كوكبة من المسلمين، ثم ينطلقون معا الى قلب المعركة لا باحثين عن النصر، بل عن
الشھادة.. ويتقبّل الله بيعتھم وبيعھم،
فيستشھدون
وھؤلاء آخرون أصيبوا بجراح أليمة، وجيء لھم بماء يبللون به أفواھھم، فلما قدم الماء الى أولھم،
أشار الى الساقي أن أعط أخي الذي بجواري فجرحه أخطر، وظمؤه أشد.. فلما ّ قدم اليه الامء، اشار
بدوره لجاره. فلا انتقل اليه أشار بدوره لجاره
وھكذا، حتى.. جادت أرواح أكثرھم ظامئة.. ولكن أنضر ما تكون تفانيا وايثارا
أجل
لقد كانت معركة اليرموك مجالا لفدائية يعز نظيرھا  

 

 
 ومن بين لوحات الفداء الباھرة التي رسمتھا عزمات مقدرة، تلك اللوحة الفذة.. لوحة تحمل صورة خالد
بن الوليد على رأس مائة لا غير من جنده، ّ ينقضون على ميسرة

الروم وعددھا أربعون ألف جندي،
وخالد يصيح في المائة الذين معه
"
والذي نفسي بيده ما بقي مع الروم من الصبر والجلد الا ما رأيتم
واني لأرجو أن يمنحكم الله أكتافھم."
مائة يخوضون في أربعين ألف.. ثم ينتصرون 
ولكن أي عجب؟؟
أليس مالء قلوبھم ايمان باͿ العلي الكبير..؟؟
وايمان برسوله الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم؟؟
وايمان بقضية ھي أكثر قضايا الحياة برا، وھدى ونبلا؟
وأليس خليفتھم الصديق رضي الله عنه، ھذا الذي ترتفع راياته فوق الدنيا، بينما ھو في المدينة
العاصمة الجديدة للعالم الجديد، يحلب بيده شياه الأيامى، ويعجن بيده خبز اليتامى..؟؟
وأليس قائدھم خالد بن الوليد ترياق وساوس التجبر، والصفلف، والبغي، والعدوان، وسيف الله المسلول
على قوى التخلّف والتعفّن والشرك؟؟
أليس ذلك، كذلك..؟
اذن، ھبي رياح النصر 
ھبّي قويّة عزيزة، ظافرة، قاھرة
 
لقد بھرت عبقرية خالد ّ قواد الروم وأمراء جيشھم  .

 

 المصدر

 كتاب رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم

 

author-img
السلام عليكم زوار ايقونة المعالي اتمنى ان تتم الفائدة من هذه المدونة للجميع

تعليقات

التنقل السريع