القائمة الرئيسية

الصفحات

الشيخ أحمد بن محمد الحافظ التجانى Ahmed Al-Hafiz Al-Tijani


شيخ الطريقة التجانية بالديار المصرية في ذمة الله.

ترجمة الشيخ أحمد بن محمد الحافظ التجانى شيخ الطريقة التجانية بالديار المصرية

الاستاذ/ عبد الرحيم سيد التجاني‏.
‏نشر في 18 مارس، 2012.
نسبه:
هو العلامة الجليل والإمام النبيل ذو الأخلاق الفاخرة والمناقب الظاهرة علم الأعلام وقدوة السالكين ومربى المريدين وشيخ علماء زمانه المعروف بالإمامة والتمكين، الحافظ الجليل والعالم العلامة والدراكة الفهامة، المجمع على علمه في المعقول والمنقول، ذو الفهم الواسع والفكر الشاسع والذهن الحاضر، غوث البرايا القطب الكامل والخليفة الواصل العارف بالله تعالى سيدنا ومولانا أبى الفيض الشيخ أحمد بن شيخ المحدثين مولانا الشيخ (عبد الحافظ) الشهير بـ محمد الحافظ بن عبد اللطيف بن سالم الحسينى لأبيه، والحسنى لجدة أبيه، فقد اكتملت له شرف النسبتين الحسنية والحسينية رضى الله عنهم وعنا بهم آمين .
وقد جاء نسبه مدوناً بسجلات نقابة السادة الأشراف بالقاهرة برقم 1884 لسنة 1994 م وهو كالآتى :
تشهد نقابة السادة الأشراف بأن
الشريف/ أحمد محمد الحافظ عبد اللطيف
من ذرية/ مولانا الإمام الحسين رضى الله عنه
هو الشريف أحمد بن محمد الحافظ بن عبد اللطيف بن سالم بن سيد أحمد بن عبد العال بن سليم بن عبد العال بن سليم بن عبد العال بن سيد أحمد الكبير الحسينى المتصل نسبه بالإمام على زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام على بن أبى طالب والسيدة فاطمة الزهراء بنت سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

مولده ونشأته:

ولد رضى الله عنه بمصر فى الأول من سبتمبر سنة 1939م، ونشأ فى كفالة أبيه مولانا الشيخ محمد الحافظ رضى الله عنه فنهل من معينه الصافى ونال من فيضه الوافى، وشرب من بحور علمه الغامرة بيد الغوثية العظمى من سر: ▬ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسى ، 
مكللاً ومجملاً بالمحبة الربانية الخالصة: ▬ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّى وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِى ، وقد أثراه أبيه رضى الله عنه بالعلوم الشرعية منذ نعومة أظافره، فنشأ حافظاً لكتاب الله عاملاً بسنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكراً لربه تالياً للقرآن، مؤدياً الحقوق الربانية كما ينبغى أن تكون، فقد اصطفاه الله لحمل سر التربية في الطريقة التجانية وراثة أحمدية محمدية، فسيدى الشيخ أحمد محمد الحافظ رضى الله عنه كمل له الإرث المحمدى من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا الإرث الأحمدى من شيخ الطريقة وعلم الحقيقة سيدى أبى العباس أحمد التجانى رضى الله عنه، فهو خليفة سيدنا رسول الله بلا مين، وخليفة سيدى الشيخ أحمد التجانى فى تربية الخلق همةً ونظرة بالعين، فهو ممن يرقون بالهمة ويربون بالنظرة وهى أعلى مراتب التربية قاطبة، إذا رأيته من بعيد أطرقت له مهابة، وإذا نظرته من قريب نلت ببركته السعادة، لين من غير ضعف، رقيق من غير وهن، قوى الشخصية عظيم الصمت جليل السمت حسن المظهر، منور الشيبة، عظيم الهيبة، إذا تبسم بدا الحسن من بين ثناياه، وإذا صمت ترى الخشية والوقار قد علاه، نطقه ذكراً، وصمته فكراً، ونظره عبره، يعلو قلبه مراقبته لله: إلهى أنت شاهدى، إلهى أنت ناظرى، إلهى أنت رقيب على .

اشتغاله بالعلم:

تلقى رضى الله عنه تعليمه الأميري حتى حصل على الثانوية العامة ثم أتم دراسته بمعهد دراسة تبريد وتكييف الهواء وحصل فيها على درجة الإمتياز مع مرتبة الشرف وكان أول دفعته بلا منازع، وقد نال وقتها وعداً من إدارة المعهد بالسفر إلى ألمانيا لإتمام دراسته ولكنهم لم ينفذوا وعدهم هذا .
وقد حدثنى رضى الله عنه أن مشروع التخرج كان عبارة عن لحام مواسير التكييف داخل حجرة تبريد مغلقة، ولم يستطع أحد من زملاءه إتمام لحام هذه المواسير بالطريقة الممتازة التي قام بها رضى الله عنه، وقال رضى الله عنه: كنت أنظر إلى جدى رحمه الله وهو يقوم بلحام الأباريق الزجاجية بامتياز وأنا صغير، فتذكرت ذلك ففعلت مثله فكان النجاح من عند الله سبحانه وتعالى، فإن دل ذلك إنما يدل على حدة ذكاءه وسرعة بديهته وشدة حفظه لما يسمع ويرى رضى الله عنه، ولما لا وهو ابن شيخ المحدثين شيخنا حافظ الدهر رضى الله عنه، فهى وراثة باطنية وظاهرية لأبيه رضى الله عنه .
ثم سافر رضى الله عنه إلى السعودية للعمل بها فى مجال التبريد والتكييف أيضاً، ثم عاد إلى مصر فعمل بشركة المقاولون العرب فى بناء السد العالى فى مجال التبريد والتكييف أيضاً، ولما انتهوا من بناء السد وزعتهم شركة المقاولون العرب بالاتفاق مع الحكومة المصرية على الوزارات الحكومية، فعمل رضى الله عنه مدرساً للتبريد والتكييف بمعهد المطرية - التابع لوزارة الصناعة آنذاك - وكان التدريس فى المعهد فى الفترة المسائية، فكانت فرصته رضى الله عنه للالتحاق بالأزهر الشريف، فالتحق بكلية المعاملات والإدارة ( التجارة ) .
وقد حدثنى رضى الله عنه أنه كان يذهب للأزهر للدراسة صباحاً، وكان الأستاذ أحمد عبد الرحمن الدويرى زميلاً له هناك، فكان يشترى له بونات لطعام الغذاء فيتركها له، فيأخذها وينال بها طعامه ثم يذهب مسرعاً للتدريس بالمعهد فى الفترة المسائية، فلله دره ما أعلى همته فى تحصيل العلم، وما أبلغ قدره فى الجلد والصبر على عناء التعب صباحاً ومساء، وقد حدثته رضى الله عنه أن عناية سيدنا الشيخ محمد الحافظ رضى الله عنه كانت تحيط به فى كل أوقاته، فقال رضى الله عنه: حقاً هى كلمة جاءت فى موضعها الصحيح .
ولما لا فسيدنا الشيخ محمد الحافظ رضى الله عنه - كما حدثنى أحد الأجلاء فى الطريقة التجانية - كان يقول لإحدى بناته: يا ابنتى إن مفاتيح الدنيا فى يدى هذه، ومفاتيح الآخرة فى اليد الأخرى، يعنى بذلك أن الله أورثه خيرى الدنيا والآخرة، وكل ذلك مكنوزاً لا شك لشيخنا السيد أحمد الحافظ رضى الله عنه فهو وارثه بلا منازع ولا شبيه، فهذه لا شك من تصريفات الله التى آتاها الله لمولانا الشيخ الحافظ محبة خالصة وحفظاً له ولذريته من بعده رضى الله عنه وأرضاه وعنا به آمين .
أَوفىْ الخَلائِقَ أَنَتَ أَنَتَ أَجَّوَدهُم
وَأَنَتَ أَنَتَ لَدى الإِلَهِ أَحمَدهُم
فَمنْ بِقُربِكَ فَازَ فَهُو أَسَّعَدهُم
لِيَأَمَنْ النَّاسُ إِذ فِيهِم مُحَمَدَهُم

وقد تخرج سيدى الشيخ أحمد محمد الحافظ رضى الله عنه من الأزهر سنة إحدى وسبعون وتسعمائة وألف (1971م)، وقد رشح للدراسات العليا بالجامعة فأمضى بها عامه الأول ولم يستكمل الدراسة بعدها .

وقد عمل بعد ذلك بوزارة الصناعة بالمركز الرئيسى للتدريب، وتنقل رضى الله عنه فى الوظائف حتى بلغ كبير المراجعين .
وقد أرسلت شركة المقاولون العرب له للعودة للعمل بها سنة 1975م للعمل بالتفتيش على المخازن، وقد تجول رضى الله عنه بالمحافظات من الإسكندرية إلى حلوان وسيوة مروراً بما بينهما من بلاد .
وبدأ رضى الله عنه فى إنشاء شركة تعمل فى مجال التجارة والكيماويات، وانبثقت منها مجموعة بدر للاستثمار إلى أن قضى الله فى قضاءها أمرا .
تفرغه لطباعة كتب أبيه وجهاده العلمى:
بعد انتهاءه من شراكته فى شركة بدر للاستثمار تفرغ سيدنا الشيخ أحمد محمد الحافظ  لطباعة كتب الطريقة وكتب أبيه التى لم تطبع، وكان الأمر صعباً بل شاقاً وذلك لأن الحكومة المصرية كانت قد أوقفت نشر مجلة طريق الحق بدعوى وفاة مالك حقوقها الأدبية وهو سيدنا الشيخ محمد الحافظ التجانى رضى الله عنه، وذلك بعد مرور عامين من وفاته رضى الله عنه .
وبدا سيدنا الشيخ أحمد محمد الحافظ وحيداً إلا من تأييد سيدي عبد المجيد الشريف رضى الله عنه وبعض الرفقة الصالحة من السادة التجانيين، ولم يجد رضى الله عنه بداً من المرور على دور النشر المختلفة للعمل على نشر هذا العلم الجليل .
وقد حدثنى رضى الله عنه أنه ذهب ذات مرة إلى إحدى دور النشر لطبع أحد الكتب لسيدنا الشيخ محمد الحافظ رضى الله عنه فامتنعت هذه الدار عن الطبع، فعاد رضى الله عنه حزيناً، فمر على الشيخ إبراهيم صالح الحسينى رضى الله عنه وكان لا يزال بمصر آنذاك وأخبره بالأمر، فغضب الشيخ إبراهيم صالح غضباً شديداً وقال له: كيف لأمثال هؤلاء أن يتنحوا عن طباعة كتاب من كتب العلامة الشيخ محمد الحافظ؟ أوليس هذا شرف لهم؟ ثم عاد رضى الله عنه إلى داره حزيناً .
ومرت أيام وجاء أحد طلبة العلم يستعين ببعض الكتب من مكتبة سيدى الشيخ محمد الحافظ فى تحقيق أحد الكتب، وقد مر على هذا الكتاب أكثر من ثمانمائة عام (800 سنة)، فقال سيدى الشيخ أحمد محمد الحافظ فى نفسه: لقد أيد الله لهذا الكتاب من يخرجه للنور بعد مرور ثمانمائة عام، فإن الله سيؤيد لكتب الشيخ محمد الحافظ من يخرجها إلى النور، وعلت همته رضى الله عنه فيسر الله له ما أراده وتمناه، فطبعت له مطبعة السعادة تفسير الفاتحة وجزء عم، وكان صاحبها من المحبين لجناب شيخنا محمد الحافظ رضى الله عنه، حتى أن سيدى الشيخ أحمد الحافظ كان يراجع الكتاب عدة مرات وكل مرة ببروفة جديدة دون السابقة ولم يضجر الرجل ولم يبد من جانبه شئ من ذلك بل كان سعيداً بمساهمته فى طبع كتب الشيخ محمد الحافظ رضى الله عنه، ثم توالى بعد ذلك الطبع فقام سيدى الشيخ أحمد محمد الحافظ رضى الله عنه بطبع تفسير جزء تبارك عند الشيخ عز الدين أبو العزايم، وكان رضى الله عنه يذهب ومعه الشيخ محمد الصغير للدكتور إبراهيم البطاوى حيث أنه كان يجمع لهم التفسير المقصود على جهاز الكمبيوتر خاصته، فيراجعون المجموع منه إلى أن طبع بفضل الله وتوفيقه .
وساهمت أيضاً مطبعة التقدم بطبع كتاب سنة الرسول، والعدد السابع عشر والثامن عشر من كتاب نور اليقين فى تخريج أحاديث إحياء علوم الدين، وقد ساهم أيضاً الأستاذ عبد الوهاب محمد عبد الوهاب فى طباعة كتاب سنة الرسول .
وساهمت أيضاً دار الفاتح فى طبع كتاب رد أوهام القاديانية، وكتاب قصد السبيل فى شروط الطريقة التجانية .
وساهمت أيضا مطبعة الجندى فى طبع أحزاب وأوراد الطريقة التجانية التى حققها مولانا الشيخ محمد الحافظ رضى الله عنه .
وساهم الحاج هانى غريب رحمه الله صاحب دار غريب للطباعة والنشر فى طبع كتاب أهل الحق العارفون بالله مرتين، وموسوعة الدين القيم وقضايا العصر من القسم الأول وحتى القسم الخامس، وأما القسم السادس حتى القسم الثامن فهو تحت الطبع، وترجمة مولانا الشيخ محمد الحافظ رضى الله عنه فى كتاب رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ثم طباعة الربع الثانى من كتاب نور اليقين فى تحقيق أحاديث إحياء علوم الدين، أما الربع الثالث والرابع فهما تحت الطبع، يسر الله لهما الخروج إلى النور، وجزى الله الشيخ خير الجزاء .
وقد قام سيدى الشيخ أحمد محمد الحافظ رضى الله عنه وأرضاه وحفظه الله ورعاه بعمل ترجمة لسيدى الشيخ أحمد التجانى رضى الله عنه وسوف تقوم دار غريب بطباعتها إن شاء الله فى القريب العاجل .
وقامت دار البصائر بإعادة طبع كتاب سنة الرسول مرة أخرى .
وقامت دار النهار بطبع شرح كتاب الحق فى الحق والخلق للدكتور محمد البشير فرحان .
وقامت دار الحسام بإعادة طبع كتاب العلامة الشيخ محمد الحافظ التجانى مرة أخرى .
ولقد ساهم سيدى الشيخ أحمد محمد الحافظ فى نشر كثير من كتب الطريقة التجانية أمثال كتاب كشف الحجاب لسيدى الشيخ أحمد سكيرج رضى الله عنه، وكتب سيدى الشيخ يوسف بقوى رضى الله عنه، وكذا كتب الواردات وإنسان عين الكمال لسيدى الشيخ محمد بن المختار رضى الله عنه، وكذلك كتب العلامة شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم إنياس رضى الله عنه .
وحقق رضى الله عنه الجزء الأول من كتاب جواهر المعاني على خمس نسخ خطية، وسيبدأ إن شاء الله في تحقيق الجزء الثاني منه في القريب العاجل .
وحقق رضى الله عنه كتاب الجامع لما افترق من العلوم الفائضة من بحار القطب المكتوم لسيدي محمد بن المشرى رضى الله عنه ، وهو تحت الطبع .
وكذلك قام تلميذه الشيخ محمد الصغير بتحقيق وتخريج أحاديث كتاب جواهر المعانى تحت إشرافه، وذلك حيث أن الشريف سيدى محمد الكبير قد راسله من المغرب فى ذلك، فلقى هذا الأمر سعادة بالغة لديه وقام على ساق الجد فى تخريج أحاديث هذا السفر النفيس .
وله مقالات عديدة بمجلة اللواء الإسلامى، وكذا له مقدمات كثيرة لكتب تلامذته التى حققت وروجعت من طرفه رضى الله عنه .
وشارك رضى الله عنه فى المساهمة فى كثير من رسالات الدكتوراة منها رسالة فى جهد سيدى الشيخ محمد الحافظ فى تفسير كتاب الله، وأخرى فى جهاد سيدى عمر بن سعيد الفوتى فى تحرير الغرب الأفريقى، وغير ذلك كثير .
ولم يأل رضى الله عنه جهداً فى مراجعة كتب تلامذته والتقديم لها، وإبداءه لشدة فرحه أن ينتهج تلامذته منهجه ومنهج أبيه من قبل فى التبيين والنصح للمسلمين، ونهجه فى ذلك قول الله تبارك وتعالى: ▬ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِى أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِى وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ  .
شيوخه فى العلم وحديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
اعلم أخى فى الله أن سيدى الشيخ أحمد محمد الحافظ رضى الله عنه قد اجتمعت له أجل أسانيد أهل الأرض قاطبةً فى علمى المعقول والمنقول .
فقد أجازه مولانا الشريف عبد المجيد خليل الشريف بإجازاته عمن قابلهم من العلماء وبإجازته عن سيدنا ومولانا الشيخ محمد الحافظ التجانى عن شيوخه فى الحديث والفقه والتفسير وسائر العلوم الشرعية، وسنده فى القرآن الكريم من أعلى أسانيد أهل الأرض، فسنده عن الشيخ عبد المجيد الشريف والشيخ محمد الحبيب دق السودانى عن سيدى الشيخ محمد الحافظ رضى الله عنه عن شيخ القراء الشيخ عبد الله حمادة، يليه فى الأسانيد العالية فى القرآن إسناد الشيخ محمد التلبانى رضى الله عنه، وأسانيد الشيخ أحمد عيسى المعصراوى شيخ القراء فى الديار المصرية وكذا والشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف، فما أجلها من مكانةٍ وما أعظمها من منزلة تبوأها سيدى الشيخ أحمد بن محمد الحافظ رضى الله عنه وهو أهل لها وأحق بها، وله من طريق سيدي الشيخ محمد الحافظ التجاني رضى الله عنه مائتين وثلاثين طريقاً في صحيح البخاري رضى الله عنه كما أخبرني بذلك المحدث الدكتور أشرف إسماعيل التجاني رضى الله عنه .
وقد ورث سيدي الشيخ أحمد محمد الحافظ رضى الله عنه شيخنا محمد الحافظ رضى الله عنه في الفتوى فهو يفتي في المذاهب الأربعة على حد سواء .
وكذا فهو مسند بكل مرويات أبيه في حديث سيدنا رسول الله وكتب العلم أيضاً، وأسانيده فيها معروفة محققة الأثبات مشتهرة بين خاصة أهل العلم وأكابر مسنديها، وما من طريق أو سند إلا وشيخنا أحمد محمد الحافظ رضى الله عنه له فيه طريق .
شيوخه في التربية :
تلقى رضى الله عنه التقديم في الطريقة التجانية مشافهة من سيدي الشيخ عبد المجيد الشريف رضى الله عنه، ثم تلقى الإجازة بالتقديم كتابةً ( تاريخيا ) من الشيخ فريد مرسي رضى الله عنه .
وتلقى بعد ذلك الإجازة بالتقديم كتابةً ( مسندة ) من سيدي الشيخ عبد المجيد الشريف رضى الله عنه .
وتلقى الإذن والإجازة بالتقديم أيضاً من العمدة صالح سالم رضى الله عنه .
وتلقي الإذن والإجازة بالتقديم من الشيخ أحمد عثمان رضى الله عنه ربيب شيخنا محمد الحافظ رضى الله عنه وخادمه ووالد الشيخ عبد الحفيظ أحمد عثمان رضى الله عنه .
وتلقى الإجازة المطلقة في الطريقة التجانية والتقديم المطلق وكذا أسانيده في حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي المرويات وكتب العلم من مولانا الشيخ محمد الحبيب دق السوداني رضى الله عنه وقال له : أقول لك كما قال لي سيدي الشيخ محمد الحافظ التجاني رضى الله عنه : لقد أجزتك بكل ما وقعت عليه عيناك .
وقد تلقى الإذن بالخلافة في الطريقة التجانية من شيخنا الخليفة الأعظم شيخ الطريقة وعلم الحقيقة سيدي علي بن سيدي محمود بن سيدي البشير بن سيدي الحبيب بن مولانا القطب المكتوم والبرزخ المحمدي المكتوم قطب الأقطاب سيدي الشيخ أحمد بن محمد التجاني رضي الله عنه وعنا به والمسلمين والمؤمنين آمين .
وتلقى الإذن بالخلافة في الطريقة أيضاً من سيدي الشيخ يوسف بقوي رضى الله عنه .
وتلقى الإذن بالخلافة من سيدي أحمد العناية بعين ماضي بالجزائر، وهو من أجل الشيوخ بالجزائر قاطبةً .
وتلقى الإذن بالخلافة من سيدي محمد الحبيب ( المقيم بالسنغال ) حفيد القطب المكتوم سيدي أحمد التجاني رضى الله عنه .
وتلقى الإذن بالخلافة من سيدي جلول الجزائري رضى الله عنه .
وتلقى الإذن بالخلافة من الخليفة العام السابق للطريقة التجانية سيدي عبد الجبار بن حميدة حفيد القطب المكتوم سيدي أحمد التجاني رضى الله عنه .
وتلقى الإذن بالخلافة أيضاً من سيدي الحاج أمحمد الخليفة رضي الله عنه وعنا به آمين .
وكذلك على سيدى الخليفة الشريف على بلعرابى الخليفة الحالى رضى الله عنه .
وقد جدد الطريق على سيدي الشيخ إبراهيم انياس الكولخي رضى الله عنه ، وقد كان آنذاك صغير السن .
من قدمهم للطريق :
قدم للطريق أولاً : العلامة المحدث الشيخ عمر مسعود محمد التجاني السوداني وكان برفقته أحد السادة أيضاً .
ثانياً : الشيخ عبد العزيز سي بالسنغال .
ثالثاً : بعض المقدمين بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام .
رابعاً : كل المقدمين بالديار المصرية إما تقديماً وإما تجديداً عليه .
خامساً: جدد على يديه أغلب من لقيه من المقدمين فى السودان ومنهم السيد محمد المجتبى الفوتى السودانى بالتقديم والخلافة فى الطريقة كما حدثنى السيد المذكور بذلك، وجمع من المقدمين والخلفاء فى اليمن والإمارات والمملكة العربية السعودية والإمارات والأردن والشام وأندونيسيا وماليزيا ونيجيريا والعراق، وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، وغيرهم من بلاد الإسلام .
وَكُنْ عَلىَ ثِقَةٍ إِذَا حَلَلَّتَ بِهِ
أَنَ السِعَادَةَ قَدَّ عَمَتَّكَ فيِ القِدَمِ

رحلاته إلى البلاد العربية وما سواها :

سافر  أولاً إلى فاس حرسها الله من كل بأس بالديار المغربية في الاحتفال بعقد قران سيدي أحمد بن سيدي بنسالم التجاني حفيد القطب المكتوم رضى الله عنهم على كريمة الشيخ عبد الحفيظ أحمد عثمان رضى الله عنه، وهي ابنة أخت سيدي الشيخ أحمد محمد الحافظ وحفيدة شيخنا محمد الحافظ رضى الله عنه وبصحبته بعض الإخوة والأحباب، وقد اجتمعوا آنذاك بسيدي بنسالم رضى الله عنه وكان هناك بعض الإخوة من السنغال جاءوا بسيارتهم برياً واستأذنوا سيدي بنسالم في زيارة الجزائر فأخبرهم أنهم لن يستطيعوا الدخول إليها لوجود خلاف شديد آنذاك بين الحكومتان المغربية والجزائرية، وكانت الجزائر قد منعت الدخول إليها كل من قدم من المغرب، فقالوا لسيدي بنسالم رضى الله عنه : نحن معنا تأشيرات من السنغال فلنجرب، فقال : لهم افعلوا ما شئتم، فذهبوا إلى الحدود فلم يستطيعوا الدخول وعادوا كما ذهبوا، فقال سيدي الشيخ أحمد الحافظ : فلنجرب نحن بطريق الجو هذه المرة - بركوب الطائرة - فقال سيدي بنسالم : اذهبوا وجربوا، وكان يعلم رضى الله عنه من كشفه الصريح أنه لا مجال هنالك لدخول الجزائر، فذهب سيدي الشيخ أحمد محمد الحافظ ومن معه فاستقلوا الطائرة، فلما بلغوا المطار أعادوهم مرة أخري إلى الطائرة ولم يستطيعوا الدخول هنالك .
وكان سيدي الشيخ أحمد محمد الحافظ في أشد الشوق لزيارة عين ماضي وما حولها من مدن تحوي تاريخ الطريقة التجانية، ولحبه الجم لهذه البقعة المباركة التي وصفها سيدي الشيخ محمد الحافظ رضى الله عنه بأن أرضها مثل أرض المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وذلك لأنها ضمت أفضل البشر قاطبة بعد الصحابة ألا وهم آل وأحفاد سيدي أبي العباس التجاني رضى الله عنه ، وهي مقر الخليفة العام للطريقة التجانية سيدي علي رضى الله عنه .
وقد أخبرني سيدي الشيخ أحمد محمد الحافظ رضى الله عنه فقال : عدت من هنالك حزيناً، وكتبت رسالة تحمل مدى الحزن والأسى على عدم زيارتي لمقر الخلافة التجانية وموطن مولد سيدي الشيخ أحمد التجاني رضى الله عنه إلى سيدي على رضى الله عنه الخليفة الأعظم، فكان رد سيدي على رضى الله عنه : اصبر والله يأتي بالفرج من عنده

دعوة الحكومة الجزائرية لتأبين سيدي محمد الحبيب المقيم بالسنغال :

ولم يمر وقت طويل، فبعد تسعة أشهر من هذه الرسالة توفى سيدي محمد الحبيب السنغالي رضى الله عنه حفيد سيدي أحمد التجاني رضى الله عنه، فبعثت الحكومة الجزائرية إلى سائر الأقطار تدعو شيوخ الطريقة التجانية بها لحضور تأبين سيدي محمد الحبيب رضى الله عنه، فكان على رأس وفد مصر سيدي الشيخ أحمد محمد الحافظ رضى الله عنه ومعه الشيخ عبد الحفيظ أحمد عثمان والحاج يحيى مقدم الزاوية التجانية بأسوان وثمانية عشر من السادة التجانيين بمصر، وقد حدثني الحاج يحيى مقدم الزاوية التجانية بأسوان بمصر فقال: كنت مع سيدي الشيخ أحمد محمد الحافظ في تأبين سيدي محمد الحبيب السنغالي رضى الله عنه، وكان كل رئيس وفد في الطريقة يقول كلمة في تأبين سيدي محمد الحبيب، فلما جاء دور سيدي الشيخ أحمد محمد الحافظ رضى الله عنه ألقى كلمةً تناقلتها الصحف في الجزائر في اليوم التالي .
وحدثت سيدي الشيخ أحمد محمد الحافظ بذلك فقال رضى الله عنه: لقد كنت أحمل من الشوق إلى هذه الزيارة ما جعلني أخرج أجل ما بداخلي من كلمات أعبر بها عن هذا الشوق لبلاد الخلافة ولشيوخنا الأجلاء بها، ولقد تباينت ردود الأفعال لدى الحكومة الجزائرية وأصبحت تنظر بنظرة كلها إجلال واحترام للطريقة التجانية ولكل سفرائها بعدما رأت من الجم الغفير والجليل من العلماء الذين حضروا من شتى بقاع الأرض لا لشيء إلا لتأبين فقيد عزيز غال عليهم وخليفةً من خلفائهم، ولقد وجدنا من الحفاوة ما لم نجده من قبل في سفرنا فلقد تم الحجز لنا في الطائرة في الدرجة الأولى، وكانوا يلبون سائر طلباتنا من طعام وشراب بطلب وبغير طلب، ولقد تحققت كلمة سيدي علي رضى الله عنه: سيأتي الله بالفرج، فكانت هذه الزيارة نهايةً للقطيعة بين الحكومة الجزائرية وشقيقاتها من دول الجوار والإسلام، فكم لسادتنا الخلفاء الأكابر من نظرة ثاقبة بعيدة المدى .
ثم سافر رضى الله عنه إلى السودان وكانت هذه أول زياراته للسودان، فاستقبل في المطار استقبال الرؤساء، فقد خرجت الحكومة السودانية ومشايخ الطرق الأخرى للاحتفاء والاحتفال باستقباله الميمون إلى البلاد، وتقابل بها مع سائر الخلفاء والمقدمين ممن لقيهم هناك .
ثم سافر رضى الله عنه إلى مؤتمر ملتقى الطريقة التجانية بالمغرب، وقد حدثني رضى الله عنه أنه ظل في الليلة التي تسبق المؤتمر وبرفقته بعض من الإخوة التجانيين حتى ساعة متأخرة من الليل يسهرون في تحضير الكلمة التي سيلقيها فضيلته أمام جمع المقدمين والخلفاء وعلى رأسهم الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه، ولما ذهب إلى المؤتمر ظل ينتظر والحاضرون يصعد كل واحد منهم لإلقاء كلمته حتى بلغ الجهد من الحاضرون مبلغه، وحدثني رضى الله عنه أنه لما حانت كلمته التي سيلقيها وقف رضى الله عنه ينظر إلى الحاضرين ثم قال : لقد سهرت حتى وقت متأخر أستحضر كلمتي التي القيها بين أيديكم المباركة، ولكني أجد أن الجهد قد بلغ منكم مبلغه، فسأختصر عليكم ما أقوله، إني أبعث برسالة إلى جلالة الملك محمد السادس حفظه الله بأن يحدث أخاه الملك فهد أن يمنع الخطباء في المملكة العربية السعودية من التعدي على المنابر على الأولياء وعلى التقول عليهم بغير وجه حق، وقال لي رضى الله عنه: فوجدت الجميع قد انتبه وأصغى لكلامي، ثم بعد ذلك علمت أن الملك محمد السادس بتجهيز كتاب في ذلك، ولما حضر موسم الحج كان الكتاب قد طبع، وحدث الملك محمد السادس أخاه الملك فهد أن يقرأ هذا الكتاب، فقرأه الملك فهد وقال : زين، فاستأذنه الملك محمد السادس أن يوزع ما أحضره من هذا الكتاب على الحجاج – وكان حمولة طائرته الخاصة - فوافق ولم يعترض، فوزع في الحرمين الشريفين ما كان معهم كله، وما كل هذا إلا بهمة القطب الكامل سيدي الشيخ أحمد محمد الحافظ رضى الله عنه وتأييد الحضرة الربانية له، وذلك امتثالاً لقول الحق تبارك وتعالى : ] وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا [، فما يقول من قول ولا يفعل من فعل إلا والتأييد الإلهي معه حيث كان وكيفما شاء رضى الله عنه .
ثم سافر رضى الله عنه إلى الإمارات العربية مرتين بدعوة من إخواننا التجانيين هناك وعلى رأسهم الدكتور محمد البشير فرحان، وجددوا عليه رضى الله عنه الإذن في الطريقة ودارسوه في شئون الطريقة والعلوم الشرعية وما هم فيه من حاجة إلى كتب الطريقة، وعرضوا عليه رضى الله عنه بعض الكتب التي وردت عليهم ومنها رسالة جليلة أطلعني رضى الله عنه على بعض منها، وقرأ رضى الله عنه جزءً منها على إخواننا بالزاوية التجانية بالمغربلين .
ثم سافر رضى الله عنه إلى اليمن وتقابل هناك مع السادة التجانيين من مقدمين ومريدين في صنعاء وعدن، وحدثني رضى الله عنه أن الزاوية التجانية هناك على سفح الجبل فلذلك تكييفها رباني وماؤها بارداً طبيعياً، وذلك من منن الخالق الباري جل في علاه، وقد صادف وجوده هناك موسم الحج، وكان الخروج للحج من مصر قد انتهى أما في اليمن فلم يزل عندهم متسع للوقت، فعرض الإخوة التجانيين هناك على سيدي الشيخ أحمد محمد الحافظ رضى الله عنه أن يخرج للحج من هناك، فوافق رضى الله عنه مستقبلاً ذلك بالبشرى الطيبة كعادته، وقال لي رضى الله عنه: كان معي حين خرجت من مصر حوالي خمسمائة دولار وألفي درهم إماراتي وكنت قد نسيتهم في حقيبتي ولم أكن أذكرهم، فصادف ذلك أن هذا المال على قدر نفقات الحج والحمد لله، وقام الإخوة بحجز تذاكر السفر ذهاباً وعودة على نفقتهم الخاصة جزاهم الله عن شيخنا خير الجزاء، فسافر للحج وبصحبته ابنته السيدة حفصة زوجة المهندس محمود أحمد خليل، حيث أنها طلبت من زوجها الذهاب للحج مع أبيها سيدنا الشيخ أحمد محمد الحافظ فوافق بدون تردد، وقضى رضى الله عنه مناسكه وعاد إلى اليمن مرةً أخرى ومنها إلى أرض الكنانة مصر بسلامة الله .
سافر رضى الله عنه إلى المغرب مرة أخرى وبصحبته المقدم البركة الجليل سيدي محمد عرفة ابن مولانا الشريف عبد المجيد رضى الله عنه، وكانت رحلة مباركة التقي فيها بأحبابه من الخلفاء والمقدمين في الطريقة، وذلك في مؤتمر ملتقى الطريقة التجانية بالمغرب، والتي ألقى فيها جلالة الملك محمد السادس كلمته المباركة التي حث فيها الجميع إلى التآخي والعمل على نشر الطريقة التجانية في شتى بقاع الأرض ونشر العلوم الشرعية بين المسلمين، حيث أن الطريقة التجانية هي طريقة العلماء بلا شك ولا ريب .
ثم سافر رضى الله عنه إلى نيجيريا وتقابل هناك مع الراحل الشيخ حسن سي سي رضى الله عنه قبل وفاته، والشيخ حسن سي سي رضى الله عنه هو ابن مولانا الشيخ إبراهيم انياس رضى الله عنه وهو مؤسس الزوايا التجانية بالولايات المتحدة الأمريكية، وتلاقى رضى الله عنه مع بعض السادة من المقدمين هناك وكانت ضيافته هنالك طيبةً واستقباله رضى الله عنه حافلا، وقد زار أكثر من عشر ولايات أغلبها من التجانيين، وقد حضر احتفال السادة التجانية هناك بمولد العارف بالله تعالى الشيخ إبراهيم انياس الكولخي رضى الله عنه، وكان هذا الاحتفال في الإستاد الكبير هناك، وقد أشار رضى الله عنه أنه لم يكن هناك مكان لقدم في هذا المكان من شدة الزحام، ولم يكن يفصل بين الرجال والنساء إلا الفاصل الذي بين المدرجات وبعضها البعض، وهذا يبين لنا مدى اهتمام أهل الطريقة التجانية بمشايخهم وحرصهم على الاحتفال والاحتفاء بهم .
ثم سافر رضى الله عنه إلى الجزائر لحضور مؤتمر ملتقى الطريقة التجانية بعين ماضي، فتلاقى هناك بالخليفة الحالي للطريقة التجانية سيدي الحاج أمحمد رضى الله عنه وبالسادة التجانيين التماسينيين رضى الله عنهم، وبأحفاد سيدي الشيخ أبي العباس التجاني رضى الله عنهم، فنعم الصحبة أبناء النبي صلى الله عليه وسلم وأحفاده وأحبابه، وكان في صحبته الشيخ محمد الصغير والشيخ عبد الباسط من الإسماعيلية والأستاذ خالد كساب المشرف على موقع طريق الحق بشبكات الإنترنت .
خلقه رضى الله عنه ومحاسنه :
أما خلقه رضى الله عنه فإنه ذروة الخلق الحسن فقد ورث رضى الله عنه جده المصطفى صلى الله عليه وسلم في كمال خلقه وخُلقه، فهو حقاً كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله أدبني فأحسن تأديبي ثم أمرني بمكارم الأخلاق ))، ولقد صدق فيه قول الحق تبارك وتعالى : ] وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [، فما رأيت أحداً أشد حلماً ورحمةً منه، ولا يغضب رضى الله عنه إلا إذا انتهكت حرمات الله، ولقد دعا ذات مرة على الجيوش الأمريكية المعتدية على أرض العراق فقتل بعضهم بعضاً وقتل منهم جم غفير، وإن دعوته نافذة في الحال، وتصريفه في الخلق نافذ، ولقد عاينت ذلك منه رضى الله عنه كثيراً جداً، ولا يكون إلا ما يريد رضى الله عنه، وإن إرادته الخير دائماً، وصبره على من آذاه طويلا حتى يخضع له من آذاه ويقر له بالخطأ في حقه فيعفو ويتسامح رضى الله عنه، وراثة محمديةً خالصة .
وإنه قد تحدث بعض الإخوان فقال أحدهم: إن سيدي الشيخ أحمد محمد الحافظ جمالي الطبع، فرد عليه أخ آخر فقال: بل إنه جلالي الطبع، ونقول بحمد الله : إن سيدي الشيخ أحمد محمد الحافظ رضى الله عنه رباني كمالي الطبع، فقد بلغ أعلى مرتب الكمال والحمد لله رب العالمين .
وقد حدثني أحد الأكابر الملازمين لسيدي الشيخ أحمد محمد الحافظ رضى الله عنه فقال: إن سيدي الشيخ أحمد محمد الحافظ يحمل عصا الأدب على أهل مصر والسودان، فصدقته بلا ريب ولا شك لأن الصدق حقاً فيما قال .
وأما كرمه وسخاءه فحدث ولا حرج فهو الكريم ابن الأكرمين، يحنو على الفقراء والمحتاجين كأنما ينفق من الغيب وارثاً في ذلك شيخنا محمد الحافظ رضى الله عنه ، فهو يستضيف الطلبة التجانيين من الأفارقة والعرب في الزاوية التجانية فيعطيهم المسكن والطعام ويعينهم في جميع أحوالهم، ولا أكاد أحصي من تعلم وأخذ على يديه الشريفتين، واستمد منهم بالمال والطعام والمسكن والدعاء الصالح، سوى من أخذ بهمته فنال ما أراد، وإني لأسترق النظر إليه ويأتيه الفقراء يسألونه من خير الدنيا فما يرد أحداً منهم قط، ولكم استضاف في بيته ووسط أولاده من جيرانه من هدم بيته فلم يجد مأوى فيؤويه ويكتنفه بكنفه، فضلاً عمن يأتيه من أقاصي البلاد، ومنهم من هو غير محتاج لذلك ولكن تأبى نفس الشيخ رضى الله عنه إلا أن يكون على منوال أبيه ونهجه في ذلك :
وَينْشَأُ نَاشِئُ الفِتيَانِ عَلىْ
مَا قَدْ كَانَ عَّوْدَهُ أَبُوهُ
وتراه يحتفي رضى الله عنه بجلسائه سواء في هيللة الجمعة أو في دروس العلم في الزاوية التجانية، أو في ذكرى مولد الإمام الحسين والسيدة زينب رضي الله عنهما، أو في ذكرى القطبانية العظمى لسيدي الشيخ أبي العباس التجاني رضى الله عنه، أو في ذكرى مولد سيدي الشيخ محمد الحافظ رضى الله عنه أو مولد مولانا الشريف عبد المجيد رضى الله عنه، فهو في ذلك عظيم الكرم، أما في رمضان فإنه رضى الله عنه كالريح المرسلة جواداً بالخير على كل من حوله من مريدين وجيران .
وما رأيته رضى الله عنه يبخل على طلبة العلم وما سواهم بما يطبع من الكتب، فتراه رضى الله عنه يبيع البعض ويهدى البعض حتى إذا نفذ ما عنده من الكتب يشتري من ماله الخاص ليهدي من أتاه من الأقطار البعيدة وارثاً في ذلك شيخنا الحافظ رضى الله عنه .
إِنَّ الكَرِيِمَ إِذَا أَلَّمَ بِبَابِهِ
ضَيَفٌ يُعَجِلُ بِالقِرَى وَيُرَحِبُ
ولقد استحضرت أبياتاً أنشدها سيدى العربى بن السائح رضى الله عنه كأنه قصد بها التحدث بفضل سيدى الشيخ أحمد محمد الحافظ رضى الله عنه:
لَولاَكَ مَا كَانَتَّ الأَسَرارُ سَارِية
وَلاَ سَقَى الَغَيثُ أَرَجَاءَ وَأَنَدِيَةً
وَلاَ استَجَابَ لَناَ الإِلَهُ أَدَعِيَةً
يَا أَعَظَمَ الَخَلقِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً
يَا اَبَّنَ الكِرَاَمِ العِظَامِ السَادَةِ النُجُبِ
كَمْ فَازَ ذُو أَمَلٍ بِنُجَحِ مَطَّلَبِهِ
كُنْتَ المُؤَمِلُ فيِ حُصُولِ مَرَّغَبِهِ
وَكَمْ غَبىٌ أًغَثَتَهُ وَمُنَتَبِهِ
بِكَ اسَّتَجْرنَا فَنِعَمَ المُستَجَارُ بِهِ
وَحَقِ رَبَى مَنْ اسْتَعطَاكَ لمَ يخِبِ
وَلمْ تَزل كَرَمَاً لِلحَقِ تُرشِدُنَا
وَفىِ الشَدَائِدِ وَالَكُرُوبِ تُنَجِدُنَا
وَإِنْ سَأَلَنَاكَ بِالَمَطَلُوبِ تُسَّعِدُنَا
فَأَنْتَ ذُو الجُودِ وَالإِكَّرَامِ سَيَّدُنَا
وَأَنْتَ أَنْتَ مَلاَذُ العُجَّمِ وَالعَرَبِ
علمه رضى الله عنه :
أما علمه رضى الله عنه فحدث ولا حرج، فإنه بحرُ لا ساحل له، كأنه قد أحاط بكل شيء علما، فما يسأل في أمر من الأمور إلا ويجيب بما يشفي الصدور ويبرأ العليل، فإذا تحدث في الحديث قال الجالس ليس في الأرض مثله، وإذا أفتى في الفقه قال السامع ما وجدنا أفقه منه، وإذا تكلم في علوم اللغة قال الباحث لا نظير له، وإذا تكلم في التفسير والسيرة قال الجالس وأين في الأرض مثله، فهو يجيب بما لا نظير له وكأنه قد جمع الله له مجامع الألفاظ وكأنه أوتى جوامع الكلم، وإذا جالس الفقراء لم تكد تعرفه من بينهم، فما تراه يستعلي على أحد أبداً بعلمه، فإذا جالسته لأول مرة ظننت أنه أحد طلبة العلم، فإذا عاشرته وعرفته تبين لك كمال معرفته بالله ورسوله، ولقد صدق فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا معاذ رضى الله عنه : (( أحب العباد إلى الله عز وجل الأتقياء الأخفياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا وإذا شهدوا لم يعرفوا أولئك أئمة الهدى ومصابيح العلم ))، يبرز ذلك شدة تواضعه رضى الله عنه لجلسائه، ناهيك عن صلته للرحم وسخاؤه مع أقاربه فحدث ولا حرج، ولقد جمع له الحنان المحمدي على أحفاده، فإنك إذا رأيته مع أحد أحفاده فلم تكد تفرق بين معاملته له وبين معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لأسيادنا الإمام الحسن والحسين رضي الله عنهما، وذلك لما حباه الله من رأفةٍ ورحمة : ] بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ [، وراثة محمدية خالصة .
ملبسه ونظافته رضى الله عنه :
وأما ملبسه رضى الله عنه فإنه جميل الهندام، طاهر الثياب، طيب الرائحة، جميل العمامة يلبسها كما كان يلبسها سيدي الشيخ محمد الحافظ رضى الله عنه لا تكاد تفرق بين طريقة لباسهما رضي الله عنهما، من غير تفريط ولا خيلاء، دأبه في ذلك عملاً بقول سيدي الشيخ

محمد الحافظ رضى الله عنه : إنما نلبس لله .

ودأبه رضى الله عنه دوام النظافة والطهارة مجدداً الوضوء للفروض والذكر، مرشداً مريديه إلى الحديث الذى رواه رزين فى مسنده : (( الوضوء على الوضوء نور على نور ))، حاملاً إياهم على مداومة الطهارة والنظافة تأسياً به رضى الله عنه .
تربيته لمريديه رضى الله عنه:
هو رضى الله عنه من أعلى الخلفاء المحمديين فى التربية لمريديه فإنه رضى الله عنه يربى مريديه بهمته، ولا شك أن التربية بالهمة من أعلى درجات التربية للخلق، فما هو بالمحدث مريديه بما يحدث منهم فى خلواتهم مع معرفته التامة بما يحدث منهم فإنه رضى الله عنه من الستيرين الذين يسترون الخلق، وهو رضى الله عنه يسأل ربه سبحانه وتعالى اللطف لكل مسلم من شدة ما يرى من البلاء النازل على الخلائق رحمةً بهم، فما هو بجمالى ولا جلالى بل ربانى من الربانيين، اجتمعت فيه أخلاق الكمل، يكل أموره كلها لله، ويصرف الله فى كل أحواله، ولا شك فى أن الله له فى كل أموره ظاهراً وباطنا، فمن أخذ على يديه من المريدين نال الحظوة، وأخذ مدد من ظل أربعين سنةً فى الخلوة، والمريد على قدر شيخه، وإن قدره جاهه عند الله عظيم، فوالله ما أصابنى وإخوانى مكروه ولا تعدى علينا أحد إلا احتمينا بشيخنا سيدى أحمد الحافظ رضى الله عنه فحماه هو حم الله جل فى علاه .
وكل مريد عنده له قدر فلا يحمل أحد ما لا يطيق ولا يكلف أحدهم ما لا يستطيع، والكل في سباق لنيل رضاه والسعادة بالحظوة في تحقيق مناه، وهو رضى الله عنه يجيز مريديه فيما هو في قيد استطاعتهم، ويسهل عليهم قراءته، وما فيه ضرر لهم يبينه ويصرفهم عنه إما مقالاً وإما تصريفاً باطنياً منه رضى الله عنه وأرضاه وعنا به آمين .
وهنا قد كبا قلمي عن التعبير وكف لساني عن المقال وآن لي من نطقي الرحيل، فأين أنا ومن أصف؟ إنه ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يدي مولانا الإمام الحسين رضى الله عنه على الدوام، تراه في يوم الجمعة كأنما يقف في جم الأدب أمام مقام سيدتنا السيدة زينب رضي الله عنها، يناجيها وتناجيه، ويدعو بين يديها لمريديه، ويسألها الرضا عن كل من أخذ عنه ولاقاه من محبيه، فهو رضى الله عنه رحمةً عامةً خاصة، وما قلته وبلغته إنما هو قطرةُ من فيضه، وما هو مكنون أجل وأعظم فلله دره كأنه نور قد تجلى للخلق لتستنير قلوب المؤمنين به، فهو رضى الله عنه ممن إذا رأوا ذكر الله .
وهو رضى الله عنه ممن لا يغيب عنهم نور سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحة واحدة، فهو مع النبي صلى الله عليه وسلم ماجال في الكون جال معه، ولقد رأيته رضى الله عنه وقد تبدلت صورته رضى الله عنه بصورة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعلمت أنه الغوث حقاً حقا، ولقد رأيت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة سيدي الشيخ أحمد الحافظ كثيراً والحمد لله، فضلاً من الله ونعمه، ولقد أذن لنا فيما سألناه وما لم نسأله وما أجل معرفته رضى الله عنه بالله عز وجل، وما أعظم أدبه مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولعل الناظر أن ينظر بعين البصيرة فيعتبر، وليكن دأب المريدين بين يدي المربين دأب الأدب ظاهراً وباطنا، رزقنا الله حسن الأدب بين يدي مشايخنا رضى الله عنهم وأرضاهم وعنا بهم آمين. انتهى

توفي يوم 05/11/2017  

author-img
السلام عليكم زوار ايقونة المعالي اتمنى ان تتم الفائدة من هذه المدونة للجميع

تعليقات

التنقل السريع