القائمة الرئيسية

الصفحات

عمر بن العاص
 

 عمرو بن العاص  Amr ibn al-Aas

محرر مصر من الرومان

  نبذة مختصرة عن حياته

 كانوا ثلاثة في قريش، اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعنف مقاومتھم دعوته وايذائھم أصحابه


وراح الرسول يدعو عليھم، ويبتھل الى ربه الكريم أن ينزل بھم عقابه واذ ھو يدعو     

ويدعو، تنزل الوحي على قلبه بھذه الآية الكريمة:
 
(ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليھم أو يعذبھم، فانھم ظالمون)  
وفھم الرسول من الآية أنھا أمر له بالكف عن الدعاء عليھم، وترك أمرھم الى الله وحده 
   فاما أن يظلوا على ظلمھم، ّ فيحل بھم عذابه
أو يتوب عليھم فيتوبوا، وتدركھم رحمته  

كان عمرو بن العاص أحد ھؤلاء الثلاثة   
ولقد اختار الله لھم طريق التوبة والرحمة وھداھم الى الاسلام

وتحول عمرو بن العاص الى مسلم مناضل. والى قائد من قادة الاسلام البواسل
وعلى الرغم من بعض مواقف عمرو التي لا نستطيع أن نقتنع بوجھة نظره فيھا، فان دوره ّ كصحابي جليل بذل وأعطى، وكافح، سيظل يفتح على محيّاه أعيننا وقلوبنا .

 

 فتح مصر

وھنا في مصر بالذات، سيظل الذين يرون الاسلام دينا قيما مجيدا
ويرون في رسوله رحمة مھداة، ونعمة موجزات، ورسول صدق عظيم، دعا الى الله على بصيرة،
سيظل الذين يحملون ھذا الايمان مشحوذي الولاء للرجل الذي جعلته الأقدار سببا، وأي

سبب، لاھداء
الاسلام الى مصر، واھداء مصر الى الاسلام.. فنعمت الھداية ونعم مھديھا
ذلكم ھو: عمرو بن العاص رضي الله عنه
ولقد ّ تعود المؤرخون أن ينعتوا عمرا بـ فاتح مصر
بيد أنا نرى في ھذا الوصف تجوزا وتجاوزا، ولعل أحق النعوت بعمرو أن ندعوه بـ محرر مصر
فالاسلام لم يكن يفتح البلاد بالمفھوم الحديث للفتح، انما كان يحررھا من تسلط امبراطوريتين سامتا
العباد والبلاد سوء العذاب، تانك ھما
امبراطورية الفرس.ز وامبراطورية الروم
ومصر بالذات، يوم أھلت عليھا طلائع الاسلام كانت نھبا للرومان وكان أھلھا يقاومون دون جدوى
ولما ّ دوت فوق مشارف بلادھم صيحات الكتائب المؤمنة أن
"
الله أكبر
الله أكبر"
سارعوا جميعا في زحام مجيد صوب الفجر الوافد وعانقوه، واجدين فيه خلاصھم منقيصر ومن
الرومان
فعمرو بن العاص ورجاله، لم يفتحوا مصر اذن.. انما فتحوا الطريق أمام مصر لتصل بالحق مصايرھا
وتربط بالعدل مقاديرھا.. وتجد نفسھا وحقيقتھا في ضوء كلمات الله، ومبادئ الاسلام.
ولقد كان رضي الله عنه حريصا على أن يباعد أھل مصر وأقباطھا عن المعركة، ليظل القتال محصورا
بينه وبين جنود الرومان الين يحتلون البلاد ويسرقون أرزاق أھلھا من أجل ذلك نجده يتحدث الى زعماء النصارى يومئذ وكبار أشاقفتھم، فيقول:
..."
ان الله بعث محمدا بالحق وأمره به
وانه عليه الصلاة والسلام، قد ّ أدى رسالته، ومضى بعد أن تركنا على الواضحة أي الطريق الواضح
المستقيم
وكان مما أمرنا به الاعذار الى الناس، فنحن ندعوكم الى الاسلام..
فمن أجابنا، فھو منا، له ما لنا وعليه ما علينا ومن لم يجبنا الى الاسلام، عرضنا عليه الجزية أي الضرائب وبذلنا له الحماية والمنعة .
ولقد أخبرنا نبينا أن مصر ستفتح علينا، وأوصانا بأھلھا خيرا فقال": ستفتح عليكم بعدي مصر،
فاستوصوا بقبطھا خيرا، فان لھم ّ ذمة ورحما"
فان أجبتمونا الى ما ندعوكم إليه كانت لكم ذمة الى ذمة..."
وفرغ عمرو من كلماته، فصاح بعض الأساقفة والرھبان قائلاان الرحم التي أوصاكم بھا نبيّكم، لھي قرابة بعيدة، لا يصل مثلھا الا الأنبياء
وكانت ھذه بداية طيبة للتفاھم المرجو بين عمرو أقباط مصر.. وان يكن قادة الرومان قد حاولوا العمل لاحباطھا

قصه إسلامه

وعمرو بن العاص لم يكن من السابقين الى الاسلام، فقد أسلم مع خالد بن الوليد قبيل فتح مكة بقليل ومن عجب أن اسلامه بدأ على يد النجاشي بالحبشة وذلك أن النجاشي يعرف عمرا ويحترمه بسبب تردده الكثير على الحبشة والھدايا الجزيلة التي كان يحملھا للنجاشي،

وفي زيارته الأخيرة لتلك البلاد جاء ذكر لرسول الذي يھتف بالتوحيد وبمكارم الأخلاق في جزيرة العرب
وسأل عامل الحبشة عمرا، كيف لم يؤمن به ويتبعه، وھو رسول من الله حقا..؟؟وسأل عمرو النجاشي قائلا:
"
أھو كذلك؟؟"
وأجابه النجاشي:
"
نعم، فأطعني يا عمرو واتبعه، فانه والله لعلى الحق، ّ وليظھرن على من خالفه.."؟!وركب عمرو ثبج البحر من فوره، عائدا الى بلاده، ّ وميمما وجھه شطر المدينة ليسلم لرب العالمين وفي الطريق المقضية الى المدينة التقى بخالد بن الوليد قادما من مكة ساعيا الى الرسول ليبايعه على الاسلام ولم يكد الرسول يراھما قادمين حتى تھلل وجھه وقال لأصحابه:" لقد رمتكم مكة بأفلاذ أكبادھا.."
وتقدم خالد فبايع
ثم تقدم عمرو فقال:
"
اني أبايعك على أن يغفر الله لي ما ّ تقدم من ذنبي.."فأجابه الرسول عليه السلام قائلا:
"
يا عمرو..
بايع، فان الاسلام ّ يجب ما كان قبله  ""
وبايع عمرو ووضع دھاءه وشجاعته في خدمة الدين الجديد

 

 شخصية عمرو زخهاده في الإسلام

وعندما انتقل الرسول الى الرفيق الأعلى، كان عمرو واليا على عمان..
وفي خلافة عمر أبلى بلاءه المشھود في حروب الشام، ثم في تحرير مصر من حكم

الرومان
كان عمرو متميزا  بطبيعته الجياشة بالمواھب..
بل ان شكله الخارجي، وطريقته في المشي وفي الحديث، كانت تومي الى أنه خلق للامارة!!.. حتى لقدروي أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رآه ذات يوم مقبلا، فابتسم لمشيته وقال:
"
ما ينبغي لأبي عبدالله أن يمشي على الأرض الا أميرا!.."
والحق أن أبا عبدالله لم يبخس نفسه ھذا الحق
وحتى حين كانت الأحداث الخطيرة تجتاح المسلمين.. كان عمرو يتعامل مع ھذه الأحداث بأسلوب أمير،
أمير معه من الذكاء والدھاء، والمقدرة ما يجعله واثقا بنفسه معتزا بتفوقه .
ولكن معه كذلك من الأمانة ما جعل عمر بن الخطاب وھو الصارم في اختيار ولاته، واليا على فلسطينوالأردن، ثم على مصر طوال حياة أمير المؤمنين عمر...
حين علم أمير المؤمنين عمر أن عمرا قد جاوز في رخاء معيشته الحد الذي كان أمير المؤمنين يطلب
من ولاته أن يقفوا عنده، ليظلوا دائما في مستوى، أو على الأقل قريبين من مستوى عامة الناس..
نقول: لو علم الخليفة عن عمرو كثرة رخائه، لم يعزله، انما أرسل اليه محمد بن مسلمة وأمره أن يقاسم
عمرا جميع أمواله وأشيائه، فيبقي له نصفھا ويحمل معه الى بيت المال بالمدينة نصفھا الآخر.
ولو قد علم أمير المؤمنين أن حب عمرو للامارة، يحمله على التفريط في مسؤولياته، لما احتمل ضميره
الرشيد ابقاءه في الولاية لحظة.

مواقف في حياته

وكان عمرو رضي الله عنه ّ حاد الذكاء، قوي البديھة عميق الرؤية
حتى لقد كان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، كلما رأى انسانا عاجز الحيلة، ّ صك

كفيّه عجبا وقال:
"
سبحان الله
ان خالق ھذا، وخالق عمرو بن العاص اله واحدكما كان بالغ الجرأة مقداما
ولقد كان يمزج جرأته بدھائه في بعض المواطن، فيظن به الجبن أو الھلع.. بيد أنھا سعة الحيلة، كان عمرو يجيد استعمالھا في حذق ھائل ليخرج نفسه من المآزق المھلكة.
ولقد كام أمير المؤمنين عمر يعرف مواھبه ھذه ويقدرھا قدرھا، من أجل ذلك عندما أرسله الى الشام قبل
مجيئه الى مصر، قيل لأمير المؤمنين: ان على رأس جيوش الروم بالشام أرطبونا أي قائدا وأميرا منالشجعان الدھاة، فكان جواب عمر:
"
لقد رمينا أرطبون الروم، بأرطبون العرب، فلننظر ّ عم تنفرج الأمور ولقد انفرجت عن غلبة ساحقة لأرطبون العرب، وداھيتھم الخطير عمرو ابن العاص، على أرطبون
الروم الذي ترك جيشه للھزيمة وولى ھاربا الى مصر، التي سيلحقه بھا عمرو بعد قليل، ليرفع فوقربوعھا الآمنة راية الاسلام
وما أكثر المواقف التي تألق فيھا ذكاء عمرو ودھاؤه
وان كنا لا نحسب منھا بحال موقفه من أبي موسى الأشعري في واقعة التحكيم حين اتفقا على أن يخلعكل منھما عليا ومعاوية، ليرجع الأمر شورى بين المسلمين، فأنفذ أبو موسى الاتفاق، وقعد عن انفاذه عمرو

واذا اردنا أن نشھد صورة لدھائه، وحذق بديھته، ففي موقفه من قائد حصن بابليون أثناء حربه مع الرومان في مصر وفي رواية تاريخية أخرى أنھا الواقعة التي سنذكرھا وقعت في اليرموك مع أرطبون الروم

اذ دعاه الأرطبون والقائد ليحادثه، وكان قد أعطى أمرا لبعض رجاله بالقاء صخرة فوقه اثر انصرافه من الحصن، ّ وأعد كل شيء ليكون قتل عمرو أمرا محتوماودخل عمرو على القائد، لا يريبه شيء، وانفض لقاؤھما، وبينما ھو في الطريق الى خارج الحصن، لمح
فوق أسواره حركة مريبة حركت فيه حاسة الحذر ّ بشدة.
وعلى الفور ّ تصرف بشكل باھر.لقد عاد الى قائد الحصن في خطوات آمنة مطمئنة وئيدة ومشاعر متھللة واثقة، كأن لم ّ يفزعه شيء قط،
ولم يثر شكوكه أمر!!
ودخل على القائد وقال له
لقد بادرني خاطر أردت أن أطلعك عليه.. ان معي حيث يقيم أصحابي جماعة من أصحاب الرسول
السابقين الى الاسلام، لا يقطع أمير المؤمنين أمرا دونمشورتھم، ولا يرسل جيشا من جيوش الاسلام الا جعلھم على رأس مقاتلته وجنوده، وقد رأيت أن آتيك بھم، حتى يسمعوا منك مثل الذي سمعت، ويكونوا من الأمر على مثل ما أنا عليه من بيّنةوأدرك قائد الروم أن عمرا بسذاجة قد منحه فرصة العمر
فليوافقه اذن على رأيه، حتى اذا عاد ومعه ھذا العدد من زعماء المسلمين وخيرة رجالھم وقوادھم،
أجھز عليھم جميعا، بدلا من أن يجھز على عمرو وحده..وبطريقة غير منظورة أعطى أمره بارجاء الخطة التي كانت ّ معدة لاغتيال عمرو
ّ ودع عمرو بحفاوة، وصافحه بحرارة،
وابتسم داھية العرب، وھو يغادر الحصنوفي الصباح عاد عمرو على رأس جيشه الى الحصن، ممتطيا صھوة فرسه، التي راحت تقھقه في صھيل شامت وساخر

أجل فھي الأخرى كانت تعرف من دھاء صاحبھا الشيء الكثير

وقاته رضي الله عنه

وفي السنة الثالثة والأربعين من الھجرة أدركت الوفاة عمرو بن العاص بمصر، حيث كان واليا عليھا..
وراح يستعرض حياته في لحظات الرحيل فقال


"
كنت أول أمري كافرا.. وكنت أشد الناس على رسول الله، فلو مت يومئذ لوجبت لي النار"
ثم بايعت رسول الله، فما كان في الناس أحد أحب ّ الي منه، ولا ّ أجل في عيني منه.. ولو سئلت أن أنعته
ما استطعت، لأني لم أكن أقدر أن أملأ عيني منه اجلالا له.. فلو ّ مت يومئذ لرجوت أن أكون من أھل
الجنة
ثم بليت بعد ذلك بالسلطان، وبأشياء لاأدري أھي لي أم ّ علي  "

ثم رفع بصره الى السماء في ضراعة، مناجيا ربه الرحيم العظيم قائلا:
"
اللھم لا بريء فأعتذر، ولا عزيز فأنتصر،
والا تدركني رحمتك أكن من الھالكين
وظل في ضراعاته، وابتھالاته حتى صعدت الى الله روحه. وكانت آخر كلماته لا اله الا الله ودفن رحمه الله في مصر


 المصدر

 كتاب   رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم

 

author-img
السلام عليكم زوار ايقونة المعالي اتمنى ان تتم الفائدة من هذه المدونة للجميع

تعليقات

التنقل السريع