القائمة الرئيسية

الصفحات

عباد بن بشر معه من الله نور

 عباد بن بشر

معه من الله نور

عندما نزل مصعب بن عمير المدينة موفدا من لدن رسول الله

صلى الله عليه وسلم، ليعلم الأنصار الدين
بايعوا الرسول على الاسلام، وليقيم بھم الصلاة، كان عباد بن بشر رضي الله عنه واحدا من الأبرار
الذين فتح الله قلوبھم للخير، فأقبل على مجلس مصعب وأصغى اليه ثم بسط يمينه يبايعه على الاسلام،


ومن يومئذ أخذ مكانه بين الأنصار

 الذين رضي الله عنھم ورضوا عنه..
وانتقل النبي الى المدينة مھاجرا، بعد أن سبقه اليھا المؤمنون بمكة.
وبدأت الغزوات التي اصطدمت فيھا قوى الخير مع قوى
 والشر.

وفي تلك المغازي كان عباد بن بشر في الصفوف الأولى يجاھد في سبيل الله متفانيا بشكل يبھر الألباب.ولعل ھذه الواقعة التي نرويھا الآن تكشف عن شيء من بطولة ھذا المؤمن العظيم..
بعد أن فرغ رسول الله والمسلمين من غزوة ذات الرقاع نزلوا مكانا يبيتون فيه، واختار الرسول للحراسة نفرا من الصحابة يتناوبونھا وكان منھم عمار بن ياسر وعباد بن بشر في نوبة واحدة.
ورأى عباد صاحبه عمار مجھدا، فطلب منه أن ينام أول الليل على أن يقوم ھو بالحراسة حتى يأخذ صاحبه من الراحة حظا يمكنه من استئناف الحراسة بعد أن يصحو.
ورأى عباد أن المكان من حوله آمن، فلم لا يملأ وقته اذن بالصلاة، فيذھب بمثوبتھا مع مثوبة
الحراسة..؟!

وقام يصلي..

واذ ھو قائم يقرأ بعد فاتحة الكتاب سور من القرآن، اخترم عضده سھم فنزعه واستمر في صلاته!..

ثم رماه المھاجم في ظلام الليل بسھم ثان نزعه وأنھى تلاوته..
ثم ركع، وسجد.. وكانت قواه قد بددھا الاعياء والألم، ّ فمد يمينه وھو ساجد الى صاحبه النائم جواره،وظل يھزه حتى استيقظ..
ثم قام من سجوده وتلا التشھد.. وأتم صلاته.
وصحا عمار على كلماته المتعبة تقول له:
" قم للحراسة مكاني فقد أصبت."
ووثب عمار محدثا ضجة وھرولة أخافت المتسللين، ّ ففروا ثم التفت الى عباد وقال له:
" سبحان الله..

ھلا أيقظتني ّ أول ما رميت"؟؟

فأجابه عباد:
" كنت أتلو في صلاتي آيات من القرآن ملأت نفسي روعة فلم أحب أن أقطعھا.

ووالله، لولا أن أضيع ثغرا أمرني الرسول بحفظه، لآثرت الموت على أن أقطع تلك الآيات التي كنت  أتلوھا!!.."كان عباد شديد الولاء والحب ،لله ولرسوله ولدينه..
وكان ھذا الولاء يستغرق حياته كلھا وحسه كله.
ومنذ سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقول مخاطبا الأنصار الذين ھو منھم:
" يا معشر الأنصار..
أنتم الشعار، والناس الدثار..
فلا أوتيّن من قبلكم."نقول منذ سمع عباد ھذه الكلمات من رسوله، ومعلمه، وھاديه الى الله، وھو يبذل روحه وماله وحياته
في سبيل الله وفي سبيل رسوله..في مواطن التضحية والموت، يجيء دوما أولا..
وفي مواطن الغنيمة والأخذ، يبحث عنه أصحابه في جھد ومشقة حتى يجدوه!..وھو دائما: عابد، تستغرقه العبادة..
بطل، تستغرقه البطولة..
جواد، يستغرقه الجود..مؤمن قوي نذر حياته لقضية الايمان!!..
وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنھا:
" ثلاثة من الأنصار لم يجاوزھم في الفضل أحد:" سعد بن معاذ..
وأسيد بن خضير..
وعبّاد بن بشر...
وعرف المسلمون الأوائل عبادا بأنه الرجل الذي معه نور من الله..
فقد كانت بصيرته  ّ المضاءة تھتدي الى مواطن الخير واليقين في غير بحث أو عناء..
بل ذھب ايمان اخوانه بنوره الى الحد الذي أسبغوا عليه في صورة الحس والمادة، فأجمعوا على ان عبادا كان اذا مشى في الظلام انبعثت منه أطياف نور وضوء،تضيء له الطريق..
 
وفي حروب الردة، بعد وفاة الرسول عليه السلام، حمل عباد مسؤولياته في استبسال منقطع النظير..وفي موقعة اليمامة التي واجه المسلمون فيھا جيشا من أقسى وأمھر الجيوش تحت قيادة مسيلمةالكذاب ّ أحس عبّاد بالخطر الذي يتھدد الاسلام..
وكانت تضحيته وعنفوانه يتشكلان وفق المھام التي يلقيھا عليه ايمانه، ويرتفعان الى مستوى احساسه
بالخطر ارتفاعا يجعل منه فدائيا لا يحرص على غير الموت والشھادة..
 
وقبل أن تبدأ معركة اليمامة بيوم، رأى في منامه رؤيا لم تلبث أن فسرت مع شمس النھار، وفوق
أرض المعركة الھائلة الضارية التي خاضھا المسلمون..
ولندع صحابيا جليلا ھو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يقص علينا الرؤيا التي رآھا عبّاد وتفسيره
لھا، ثم موقفه الباھر في القتال الذي انتھى باستشھاده..
يقول أبو سعيد:" قال لي عباد بن بشر يا أبا سعيد رأيت الليلة، كأن السماء قد فرجت لي، ثم أطبقت ّ علي..
واني لأراھا ان شاء الله الشھادة!!..فقلت له: خيرا والله رأيت..
واني لأنظر اليه يوم اليمامة، وانه ليصيح بالأنصار:
احطموا جفون السيوف، وتميزوا من الناس..فسارع اليه أربعمائة رجل، كلھم من الأنصار، حتى انتھوا الى باب الحديقة، فقاتلوا أشد القتال..
واستشھد عباد بن بشر رحمه الله..
ورأيت في وجھه ضربا كثيرا، وما عرفته الا بعلامة كانت في جسده..


ھكذا ارتفع عباد الى مستوى واجباته كؤمن من الأنصار، بايع

رسول الله على الحياة ،Ϳ والموت في
سبيله..
وعندما رأى المعركة الضارية تتجه في بدايتھا لصالح الأعداء، تذكر كلمات رسول الله لقومه الأنصار:" أنتم الشعار..
فلا أوتيّن من قبلكم.."
وملأ الصوت روعه وضميره..حتى لكأن الرسول عليه الصلاة والسلام قائم الآن يردده كلماته ھذه..
وأحس عباد أن مسؤولية المعركة كلھا انما تقع على كاھل الأنصار وحدھم.. أو على كاھلھم قبل
سواھم..
ھنالك اعتلى ربوة وراح يصيح:" يا معشر الأنصار..
احطموا جفون السيوف..
وتميزوا من الناس..وحين لبّى نداءه أربعمائة منھم قادھم ھو وأبو دجانة والبراء ابن مالك الى حديقة الموت حيث كان جيش
مسيلمة ّ يتحصن.. وقاتل البطل القتال اللائق به كرجل.. وكمؤمن.. وكأنصاري..
وفي ذلك اليوم المجيد استشھد عباد..
لقد صدقت رؤياه التي رآھا في منامه بالأمس..ألم يكن قد رأى السماء تفتح، حتى اذا دخل من تلك الفرجة المفتوحة، عادت السماء فطويت عليه،
وأغلقت؟؟وفسرھا ھو بأن روحه ستصعد في المعركة المنتظرة الى بارئھا وخالقھا..؟؟
لقد صدقت الرؤيا، وصدق تعبيره لھا.
ولقد تفتحت أبواب السماء لتستقبل في حبور، روح عبّاد بن بشر..
الرجل الذي كان معه من الله نور!!..

المصدر

رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم

author-img
السلام عليكم زوار ايقونة المعالي اتمنى ان تتم الفائدة من هذه المدونة للجميع

تعليقات

التنقل السريع