القائمة الرئيسية

الصفحات

لصحابي أبو ذر الغفاري 

أبو ذر الغفاري (رضي الله عنه)  

قصة  حيات الصحابي أبو ذر الغفاري  رضي الله عنه

دخول أبو ذر لمكة

  دخلھا متنكرا، كأنه واحد من أولئك الذين يقصدونھا ّ ليطوفوا بآلھة الكعبة العظام.. أو كأنه عابر سبيل ضل طريقه.

 
 أو طال به السفر والارتحال فأوى اليھا يستريح ّ ويتزود منها ،
فلو عرف الكفار من أھل مكة أنه أتى يبحث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،  لفتكوا به.


وھو لا يرى بأسا في أن يفتكوا به، ولكن بعد أن يقابل الرجل الي قطع الفيافي ليراه، وبعد أن يؤمن بدينه، ان اقتنع بصدقه واطمأن لدعوته .

ولقد مضى ّ يتسمع الأنباء من بعيد، وكلما سمع قوما يتحدثون عن محمد اقترب منھم في حذر، حتى جمع من الحديث ھنا وھناك ما دله على محمد، وعلى المكان الذي يستطيع أن يراه فيه.

إسلام أبو ذر الغفاري

 بعد بحث  و‘ستقصاء وجد الرسول صلى الله عليه وسلم جالسا وحده، فاقترب منه وقال :
نعمت صباحا يا أخا العرب ، فأجاب  رسول الله عليه الصلاة والسلام: وعليك السلام يا أخاه.

 قال أبو ذر:أنشدني مما تقول
فأجابالنبي عليه الصلاة والسلام: ما ھو بشعر فأنشدك، ولكنه قرآن كريم.
قال أبو ذر: اقرأ ّ علي .

فقرأ عليه  رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يصغي.. ولم يمضي إلا وقت حتى ھتف أبو ذ ر :
 " أشھد أن لا اله الا الله وأشھد أن محمدا عبده ورسوله"

 وسأله الرسول عليه الصلاة والسلام : ممن أنت يا أخا العرب..؟
فأجابه أبو ذر: من قبيلة غفار.
وتألقت ابتسامة على فم الرسول صلى الله عليه وسلم، واكتسى وجھه الدھشة والعجب .

  كذلك ضحك الصحابي أبو ذر،  لمعرفته بسر العجب الذي كسا وجه رسول الله عليه  .

  فغفار  قبيلة اشتهرت بقطع الطريق، وهم مضرب الأمثال في السطو .

أيجيء منھم اليوم، والاسلام لا يزال دينا مستخفيا، واحد ليسلم..؟
يقول أبو ذرالغفاري  وھو يسرد القصة بنفسه .:
.."
فجعل الرسول صلى الله عليه وسلم يرفع بصره ّ ويصوبه تعجبا، لما كان من غفار، ثم قال: ان الله يھدي من يشاء .

ولقد كان أبو ذر رضي الله عنه أحد الذين شاء الله لھم الھدى، وأراد بھم الخير.
وانه لذو بصر بالحق، فقد روي عنه أنه أحد الذين شاء الله لھم الھدى، وأراد بھم الخير.

فبعد ان كان أحد الذين يتألھون في الجاھلية، أي ّ يتمردون على عبادة الأصنام، ويذھبون الى الايمان به خالق عظيم. وھكذا ما كاد يسمع بظھور نبي يسفّه عبادة الأصناك وعبّادھا،

ويدعو الى عبادة الله الواحد القھار، حتى حث اليه الخطى، وشد الرحال وأسلم من فوره.

وكان ترتيبه في المسلمين الخامس أو السادس وكان اسلامه مبكرا.
وحين أسلم كان الرسول يھمس بالدعوة ھمسا.. يھمس بھا الى نفسه، والى الخمسة الذين آمنوا معه.

وهويذهب مغادرا مكة، وعائدا الى قبيلته غلبته طبيعة   الجيّاشة ، لقد سأل رسول عليه الصلاة والسلام فور اسلامه بھذا السؤال :  

يا رسول الله، بم تأمرني..؟.

 فأمره رسول الله بأن يعود  لقومه حتى يبلغه أمر نبي الله صلى الله عليه وسلم  .
فقال أبو ذر: والذي نفسي بيده لا أرجع حتى أصرخ بإسلامي في المسجد .

الصحابي الجليل يعلن اسلامه في المسجد الحرام

  و دخل أبا ذر  المسجد الحرام    متحديا  جموع الكفارونادى بأعلى صوته
 أشھد أن لا اله الا الله.. وأشھد أن محمدا رسول الله
كانت ھذه الصيحة أول صيحة بالاسلام ّ تحدت كبرياء قريش وقرعت أسماعھا.

 صاحھا رجل غريب ليس له في ّ مكة حسب ولا نسب ولا حمى
ولقد تلقي ما كان يتوقعه .. من المشركونالذين ضربوه حتى صرعوه .

وترامى النبأ الى العباس عم النبي، فجاء يسعى، وما استطاع أن ينقذه من بين أنيابھم الا بالحيلة الذكية، قال لهم :

يا معشر قريش، أنتم تجار، وطريقكم على غفار،، وھذا رجل من رجالھا، ان ّ يحرض قومه عليكم، يقطعوا على قوافلكم الطريق.." فرجعوا الى رشدھم وتركوه .

ولكن أبا ذر، وقد ذاق حلاوة الأذى في سبيل الله، لا يريد أن يغادر مكة حتى يظفر من طيباته بمزيد  وھكذا لا يكاد في اليوم الثاني وربما في نفس اليوم، يلقى امرأتين تطوفان بالصنمين  أساف، واثلة .

ودعاھما، حتى يقف عليھما ويسفه الصنمين تسفيھا مھينا.. فتصرخ المرأتان، ويھرول الرجال كالجراد، ثم لا يفتون يضربونه حتى يفقد وعيه.

وحين يفيق يصرخ مرة أخرى بأنه " يشھد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله." ويدرك الرسول عليه الصلاة والسلام طبيعة تلميذه الجديد الوافد، وقدرته الباھرة على مواجھة

الباطل .

بيد أن وقته لم يأت بعد، فيعيد عليه أمره بالعودة الى قومه، حتى اذا سمع بظھور الدين عاد وأدلى في مجرى الأحداث دلوه


 بطل غفار يدعوا قومه إلى الاسلام

ويعود أبو ذر الى عشيرته وقومه، فيحدثھھم عن النبي الذي ظھر يدعو الى عبادة الله وحده ويھدي لمكارم الأخلاق، ويدخل قومه في الاسلام، واحدا اثر واحد.. ولا يكتفي بقبيلته غفار، بل ينتقل الى قبيلة أسلم فيوقد فيھا مصابيحه  .

وبمضي فترة من الزمن ، يھاجر الرسول صلى الله عليه وسلم الى المدينة، ويستقر بھا والمسلمون معه.

قبيلتي غفار وأسلم يقدمان المدينة  لإعلان  إسلامهما

 ذات يوم تستقبل مشارف المدينة صفوفا طويلة من المشاة والركبان، أثارت أقدامھم النقع.. ولولا تكبيراتھم الصادعة، لحبسھم الرائي جيشا مغيرا من جيوش الشرك اقترب الموكب  ودخل المدينة.. وقصد مسجد  رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقامه لقد كان

الموكب قبيلتي غفار وأسلم، جاء بھما ابو ذر مسلمين جميعا رجالا ونساءا. شيوخا وشبابا،  وأطفالا.

وكان من حق الرسول عليه الصلاة والسلام أن يزداد عجبا ودھشة


فبالأمس البعيد عجب كثيرا حين رأى أمامه رجلا واحدا من غفار يعلن اسلامه وايمانه، وقال معبّرا عن دھشته:

"ان الله يھدي من يشاء"

أما اليوم فان قبيلة غفار بأجمعھا تجيئه مسلمة ، وقد قطعت في الاسلام بضع سنين منذ ھداھا الله على يد أبي ذر، وتجيء معھا قبيلة أسلم .

لقد ألقى الرسول عليه الصلاة والسلام على وجوھھم الطيبة نظرات تفيض غبطة وحنانا

وودا ونظر الى قبيلة غفار وقال
 ."غفار غفر الله لھا."
ثم الى قبيلة أسلم فقال :
."وأسلم سالمھا الله.."

وأبو ذر  الداعية الرائع..  قوي الشكيمة،  عزيز  المنال.. ألا يختصه  رسول صلى الله عليه وسلم   بتحية؟؟.
ودامت على مدى القرون والأجيال، ورددها الجميع  وقال رسول  الله صلى الله عليه وسلم في أبي ذر:
" ما أقلّت الغبراء، ولا أظلّت الصحراء أصدق لھجة من أبي  ذر" .

تنبأ رسول الله بكرهيه أبو ذر لكنز المال

ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم ببصيرته الثاقبة عبر الغيب ّ القصي والمجھول البعيد كل المتاعب التي سيفيئھا على أبي ذر صدقه وصلابته، فكان يأمره دائما أن يجعل الأناة والصبر نھجه  وسبيله .

وألقى نبي الله ھذا السؤال .
على
أبا ذر إن أدرك  أمراء في عصره يستأثرون  بالفيء.. ؟
فأجابه حالفا والذي بعثك بالحق،   ووعدا بأن يضربهم بسيفه ويجادهن لذلك .
فقال له  رسول الله صلى الله عليه وسلام أفلا أدلك على خير من ذلك  ؟ .
اصبر حتى تلقاني" .

قضية أبي ذر التي سيھبھا حياته  

ولقد عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى عليه السؤال، ليزوده ھذه النصيحة الثمينة"اصبر حتى تلقاني".

وحفظ أبو ذر الغفاري وصية معلمه، ولم يحمل السيف ،
ولكنه لم يسكت عليھم لحظة  من عمره .
أجل اذا كان الرسول قد نھاه عن حمل السيف في وجوھھم، فانه لا ينھاه عن أن يحمل في الحق لسانه البتار.

ولسوف يفعل ومضى عھد الرسول، ومن بعده عصر أبي بكر،

وعصر عمر في تفوق كامل على مغريات الحياة ودواعي الفتنة فيھا ، حتى تلك النفوس المشتھية الراغبة، لم تكن تجد لرغباتھا سبيلا ولا منفذا.

وأيامئذ، لم تكن ثمة انحرافات يرفع أبو ذر ضدھا  صوته ،
ولقد طال عھد أمير المؤمنين عمر، فارضا على ولاة المسلمين وأمرائھم وأغنيائھم في كل مكان من الأرض، زھدا وتقشفا، وعدلا يكاد يكون فوق طاقة البشر.

وھكذا تفرغ لعبادة ربه، وللجھاد في سبيله.. غير لائذ بالصمت اذا رأى مخالفة ھنا، أو ھناك.. وقلما كان ذلك .

ويمجئ أجل أعظم، وأعدل، وأروع حكام للبشرية قاطبة وبرحيله عن الدنيا ذات يوم،

تاركا وراءه فراغا ھائلا. ومحدثا رحيله من ردود الفعل ما لا ّ مفر منه ولا طاقة للناس به. وتستمر الفتوح في ّ مدھا، ويعلو معھا مد الرغبات والتطلع الى مناعم الحياة وترفھا .
ويرى أبو ذر الخطر
ان ألوية المجد الشخصي توشك أن تفتن الذين كل دورھم في الحياة أن يرفعوا راية الله انالدنيا بزخرفھا وغرورھا الضاري، توشك أن تفتن الذين كل رسالتھم أن يجعلوا منھا مزرعة للأعمال الصالحات فالمال الخادمم   للانسان، أوشك أن ّ يتحول الى سيّد مستبد
مع أصحاب محمد الذي مات ودرعه مرھونة، في حين كانت أكوام الفيء والغنائم عند قدميه ان خيرات الأرض التي ذرأھا الله للناس جميعا.. وجعل حقھم فيھا متكافئا توشك أن تصير حكرا ومزية .
ان السلطة التي ھي مسؤولية ترتعد من ھول حساب الله عليھا أفئدة الأبرار، تتحول الى سبيل للسيطرة، وللثراء، وللترف المدمر.

وعاش  الغفاري كل ھذا وراح ييجاهد    قائما  بسيفه الذي لم يشهد له كبوة.لكن سرعان ما ّ رن في فؤاده صدى الوصية التي أوصاه بھا الرسول، فأعاد السيف الى غمده، فما ينبغي أن يرفعه في وجه مسلم وما كان لمؤمن أنيقتل مؤمنا الا خطأ ليس دوره اليوم أن يقتل بل أن يعترض  .
لقد أخبر الرسول يوما وعلى ملأ من أصحابه، أن الأرض لم ّ تقل، وأن السماء لم ّ تظل أصدق لھجة من أبي ذر.
ومن كان يملك ھذا القدر من صدق اللھجة، وصدق الاقتناع، فما حاجته الى السيف..؟
  ان كلمة واحدة يقولھا، لأمضى من ملء الأرض سيوفا   .

فليخرج بصدقه ھذا، الى الأمراء, الى الأغنياء. الى جميع الذين أصبحوا يشكلون بركونھم الى الدنيا خطرا على الدين الذي جاء ھاديا، لا جابيا.. ونبوة لا ملكا،.. ورحمة لا عذابا.. وتواضعا لا استعلاء وتكافؤ لا تمايز.. وقناعة لا جشعا.. وكفاية لا ترفا.. واتئادا في أخذ الحياة، لا فتونا بھا ولا تھالكا عليھا.

فليخرج الى ھؤلاء جميعا، حتى يحكم الله بينھم وبينه بالحق، وھو خير الحاكمين.

وخرج أبو ذر الى معاقل السلطة والثروة، يغزوھا بمعارضته معقلا معقلا.. وأصبح في أيام معدودات.

الراية التي التفت حولھا الجماھير والكادحون.. حتى في الأقطار النائية التي لم يره أھلھا بعد.. طاره اليھا ذكره.

 وأصبح لا يمر بأرض، بل ولا يبلغ اسمه قوما الا أثار تسؤلات ّ ھامة تھدد مصالح ذوي السلطة والثراء.

ولو أراد ابا ذر أن يتخذ لنفسه ولحركته شعار لكان الشعار هو قوله تعالى:
"
ّ بشر الكانزين الذين يكنزون الذھب والفضة بمكاو من نار تكوى بھا جباھھم وجنوبھم يوم القيامة".

لا يصغد جبلا، ولا ينزل سھلا، ولا يدخل مدينة، ولا يواجه أميرا الا وھذه الكلمات على لسانه.
ولم يعد الانس يبصرونه قادما الا استقبلوه بھذه الكلمات
"
ّ بشر الكانزين بمكاو من نار".

لقد بداء  بالشام ب "معاوية بن أبي سفيان"  فهو يحكم أرضا من أكثر بلاد الاسلام خصوبة وخيرا وفيضا، وانه ليعطي الأموال ويوزعھا بغير حساب، يتألف بھا

الناس الذين لھم حظ ومكانة، ويؤمن بھا مستقبله الذي كان يرنو اليه طموحه البعيد.
ھناك الضياع والقصور والثروات تفتن الباقية من حملة الجعوة، فليدرك أبو ذر الخطر قبل أن يحيق  ويدمر.

وقصد الشام  ولم يكد الناس العاديون يسمعون بقدومه حتى استقبلوه  والتفوا حوله

حدثنا يا صاحب رسول الله
ويرى  الغفاري ان من حوله من الجتمع الاسلامي  أكثرھم   فقر.. ثميلوح ببصره  نحو المشارف القريبة، القصور المشيدة والضياع الجميلة  فينفجر فيمن معه قائلا :

" عجبت لمن لا يجد القوت في بيته، كيف لا يخرج على الانس شاھرا سيفه.."؟؟!!

ثم يذكر من فوره وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضع الأناة مكان الانقلاب، والكلمة  الشجاعة مكان السيف.. فيترك لغة الحرب ھذه ويعود الى لغة المنطق والاقناع، فيعلم الناس جميعا أنھم  جميعا سواسية كأسنان المشط.  

وأنھم جميعا شركاء في الرزق.. وأنه لا فضل لأحد على أحد الا  بالتقوى.. وأن أمير القوم ووليھم، ھو أول من يجوع اذا جاعوا، وآخر من شبع اذا شبعوا.

لقد قرر أن يخلق بكلماته وشجاعته رأيا ّ عاما من كل بلاد الاسلام يكون له من الفطنة

والمناعة، والقوة ما يجعله شكيمة لأمرائه وأغنيائه، وما يحول دون ظھور طبقات مستغلة للحكم، أو محتكرة للثروة.  

وفي أيام قلائل، كانت الشام كلھا كخلايا نحل وجدت ملكتھا المطاعة.. ولو أعطى أبو ذر

اشارة عابرة  بالثورة لاشتعلت نارا.. 

ولكنه كما قلنا، حصر اھتمامه في خلق رأي عام يفرض احترامه، وذاع صيته على جميع الاصعدة .

ولقد وقف أبو ذر أصدق العالمين لھجة، كما وصفه نبيه وأستاذه
وقف يسائل معاوية كم كانت ثروته قبل توليه الحكم، و  ثروته كم أصبحت اليوم ، وعن   قصوره بالشام .

ووجه  سؤاله للجالسين   من الصحابة الذين صحبوا معاوية الى الشام وأصبحو ملاك قصور وضياع  و صاح فيھم  : أفأنتم من نزل القرآن على الرسول وھو بينكم ..؟؟
ويتولى الاجابة عنھم: نعم أنتم الذين نزل فيكم القرآن، وشھدتم مع الرسول المشاھد ثم يعود ويسأل: ألا تجدون في كتاب الله ھذه الآية
(والذين يكنزون الذھب والفضة ولا ينفقونھا في سبيل الله فبشرھم بعذاب أليم.. يوم يحمى عليھا في نارجھنّم، فتكوى بھا جباھھم، وجنوبھم، وظھورھم، ھذا ما كنزتم لأنفسكم، فذوقوا ما كنتم تكنزون..)؟؟

ويختلام معاوية طريق الحديث قائلا: لقد أنزلت ھذه الآية في أھل الكتاب..
ويصيح أبو ذر: لا بل أنزلت لنا ولھم..
ويتابع الغفاري  كلامه ناصحا معاوية وأصحابه   بألا يمتلك أحدھم أكثر من حاجات يومه

وتتناقل المحافل والجموع نبأ ھذه المناظرة وأنباء أبي ذر

وأحس معاوية بالخطر، ولانه  يعرف  قدر أبا ذر الغفاري، فلم ّ يقربه بسوء، و كتب
بسرعة لخليفة المسلمين عثمان رضي الله عنه يقول له": ان أبا ذر قد أفسد الناس بالشام.."
ويكتب عثمان لأبي ذر يستدعيه للمدينة.

ويحسر أبي ذر طرف ردائه عن ساقيه ّ مرة أخرى ويسافر الى المدينة تاركا الشام في يوم لم تشھد  دمشق مثله  ، لا حاجة لي في دنياكم ھكذا قال أبو ذر الغفاري لعثمان خليفة المسلمين  بعد أن وصل  للمدينة، وجرى بينھما حوار طويل.

  إنتهى الخليفة عثمان من حواره مع أبا ذر، وللأنباء المتوافدة  له من كل البقاع  عن مشايعة الجماھير لآراء أبي ذر، بادراك صحيح لخطر دعوته وقوتھا، وقرر أن يحتفظ به الى جواره في المدينة ، محددا بھا اقامته


ولقد عرض عثمان قراره على أبي ذر عرضا رفيقا، رقيقا، فقال له": ابق ھنا يجانبي،
وأجابه أبو ذر
 لا حاجة لي في دنياكم  
 فأراد من الخليفة عثمان رضي الله عنه أن يأذن لهبالذهاب لربذة فوافقه  على ذلك

ولقد ظل وھو في احتدام معارضته أمينا   ورسوله، حافظا في اعماق روحه النصيحة التي وجھھا
اليه الرسول عليه الصلاة والسلام ألا يحمل السيف.. لكأن الرسول رأى الغيب كله.. غيب

أبي ذر جاءه يوما وھو في ّ الربدة وفد من الكوفة يسألونه أن يرفع راية الثورة ضد الخليفة، فزجرھم بكلمات حاسمة :

" وأقسم بالله بأنه لوعثمان صلبنه على أطول خشبة،   ، لسمع ، وأطع ، وصبر  واحتسب

، ورأ بأن ذلك خيرا له" .

" ولو ّ ردني الى منزلي، لسمعت وأطعت، وصبرت واحتسبت، ورأيت ذلك خيرا لي" .

وسيقضي عمره كله ّ يحدق في أخطاء الحكم وأخطاء المال، فالحكم والمال يملكان من

الاغراء والفتنة .
ما يخافه أبو ذر على اخوانه الذين حملوا راية الاسلام مع رسولھم صلى الله عليه وسلم، والذين يجب أن يظلوا لھا حاملين.

والحكم والمال أيضا، ھما عصب الحياة للأمة والجماعات، فاذا اعتورھما الضلال تعرضت مصاير الناس للخطر الأكيد

وفاته

توفي ابو ذر الغفاري    بالربذة.

   المصدر  

رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم 

author-img
السلام عليكم زوار ايقونة المعالي اتمنى ان تتم الفائدة من هذه المدونة للجميع

تعليقات

التنقل السريع